قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : ( وشروه ) به : وباع إخوة يوسف يوسف .
فأما إذا أراد الخبر عن أنه ابتاعه ، قال : "اشتريته " ، ومنه قول : ابن مفرغ الحميري
وشريت بردا ليتني من قبل برد كنت هامه
يقول : "بعت بردا " ، وهو عبد كان له .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
18899 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن [ ص: 9 ] مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أنه كره الشراء والبيع للبدوي . قال : والعرب تقول : "اشر لي كذا وكذا " ، أي : بع لي كذا وكذا وتلا هذه الآية ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) يقول : باعوه ، وكان بيعه حراما .
18900 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إخوة يوسف أحد عشر رجلا باعوه حين أخرجه المدلي بدلوه .
18901 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد بمثله .
18902 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
18903 - وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
18904 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، مثله .
18905 - . . . . قال : حدثني حجاج ، عن ( وشروه ) قال : قال ابن جريج ابن عباس : فبيع بينهم .
18906 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا عمرو بن عون هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : ( وشروه بثمن بخس ) قال : باعوه .
18907 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله .
18908 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فباعه إخوته بثمن بخس .
[ ص: 10 ] وقال آخرون : بل عني بقوله : ( وشروه بثمن بخس ) السيارة أنهم باعوا يوسف بثمن بخس .
ذكر من قال ذلك :
18909 - حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وشروه بثمن بخس ) وهم السيارة الذين باعوه .
قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من قال : تأويل ذلك : وشرى إخوة يوسف يوسف بثمن بخس وذلك أن الله عز وجل قد أخبر عن الذين اشتروه أنهم أسروا شراء يوسف من أصحابهم ، خيفة أن يستشركوهم ، بادعائهم أنه بضاعة . ولم يقولوا ذلك إلا رغبة فيه أن يخلص لهم دونهم ، واسترخاصا لثمنه الذي ابتاعوه به ، لأنهم ابتاعوه كما قال جل ثناؤه ( بثمن بخس ) . ولو كان مبتاعوه من إخوته فيه من الزاهدين ، لم يكن لقيلهم لرفقائهم : "هو بضاعة " ، معنى ولا كان لشرائهم إياه ، وهم فيه من الزاهدين وجه ، إلا أن يكونوا كانوا مغلوبا على عقولهم ; لأنه محال أن يشتري صحيح العقل ما هو فيه زاهد من غير إكراه مكره له عليه ، ثم يكذب في أمره الناس بأن يقول : "هو بضاعة لم أشتره " ، مع زهده فيه . بل هذا القول من قول من هو بسلعته ضنين لنفاستها عنده ، ولما يرجو من نفيس الثمن لها وفضل الربح .
وأما قوله : ( بخس ) فإنه يعني : نقص .
وهو مصدر من قول القائل : "بخست فلانا حقه : " إذا ظلمته ، يعني : ظلمه فنقصه عما يجب له من الوفاء : "أبخسه بخسا " ، ومنه قوله : [ ص: 11 ] ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) [ سورة هود : 85 ] ، وإنما أريد : بثمن مبخوس منقوص ، فوضع "البخس " وهو مصدر مكان "مفعول " ، كما قيل : ( بدم كذب ) وإنما هو "بدم مكذوب فيه " .
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك .
فقال بعضهم : قيل ( بثمن بخس ) لأنه كان حراما عليهم .
ذكر من قال ذلك :
18910 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي ، عن جويبر عن الضحاك : ( وشروه بثمن بخس ) قال : "البخس : " الحرام .
[ ص: 12 ] 18911 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا ، عن علي بن عاصم جويبر ، عن الضحاك : : ( وشروه بثمن بخس ) ، قال : حرام .
18912 - حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : كان ثمنه بخسا ، حراما ، لم يحل لهم أن يأكلوه .
18913 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا عمرو بن عون هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله : ( وشروه بثمن بخس ) قال : باعوه بثمن بخس ، قال : كان بيعه حراما وشراؤه حراما .
18914 - حدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : ( بثمن بخس ) قال : حرام .
18915 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( بثمن بخس ) يقول : لم يحل لهم أن يأكلوا ثمنه .
وقال آخرون : معنى البخس هنا : الظلم .
ذكر من قال ذلك :
18916 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وشروه بثمن بخس ) قال : " البخس : " هو الظلم . وكان بيع يوسف وثمنه حراما عليهم
18917 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : قال قتادة : ( وشروه بثمن بخس ) قال : ظلم .
وقال آخرون : عني بالبخس في هذا الموضع : القليل .
ذكر من قال ذلك :
18918 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ، عن يحيى بن آدم قيس ، عن جابر ، عن عكرمة ، قال : "البخس : " القليل .
18919 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا قيس ، عن جابر ، عن عكرمة ، مثله .
قال أبو جعفر : وقد بينا الصحيح من القول في ذلك .
وأما قوله ( دراهم معدودة ) ، فإنه يعني عز وجل أنهم باعوه بدراهم غير [ ص: 13 ] موزونة ، ناقصة غير وافية ، لزهدهم كان فيه .
وقيل : إنما قيل "معدودة " ليعلم بذلك أنها كانت أقل من الأربعين ، لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقل من أربعين درهما ، لأن أقل أوزانهم وأصغرها كان الأوقية ، وكان وزن الأوقية أربعين درهما . قالوا : إنما دل بقوله : ( معدودة ) على قلة الدراهم التي باعوه بها .
فقال بعضهم : كان عشرين درهما .
ذكر من قال ذلك :
18920 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن زهير ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : إن ما اشتري به يوسف عشرون درهما .
18921 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) قال : عشرون درهما .
18922 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن نوف البكالي ، في قوله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) قال : عشرون درهما .
18923 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وحدثنا وكيع ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن نوف الشامي : "بخس دراهم " قال : كانت عشرين درهما .
[ ص: 14 ] 18924 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن نوف ، مثله .
18925 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ، قال : قال ابن جريج ابن عباس ، في قوله : ( بثمن بخس دراهم معدودة ) قال : عشرون درهما .
18926 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن : ( السدي دراهم معدودة ) قال : كانت عشرين درهما .
18927 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أنه بيع بعشرين درهما ( وكانوا فيه من الزاهدين ) .
18928 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
18929 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي إدريس ، عن عطية ، قال : كانت الدراهم عشرين درهما ، اقتسموها درهمين درهمين .
وقال آخرون : بل كان عددها اثنين وعشرين درهما ، أخذ كل واحد من إخوة يوسف ، وهم أحد عشر رجلا درهمين درهمين منها .
ذكر من قال ذلك :
18930 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( دراهم معدودة ) قال : اثنين وعشرين درهما .
18931 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( دراهم معدودة ) قال : [ ص: 15 ] اثنان وعشرون درهما لإخوة يوسف ، [ وكان إخوة ] أحد عشر رجلا .
18932 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( دراهم معدودة )
18933 - . . . . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .
18934 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، بنحوه .
وقال آخرون : بل كانت أربعين درهما .
ذكر من قال ذلك :
18935 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا قيس ، عن جابر ، عن عكرمة : ( دراهم معدودة ) قال : أربعين درهما .
18936 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : باعوه ولم يبلغ ثمنه الذي باعوه به أوقية ، وذلك أن الناس كانوا يتبايعون في ذلك الزمان بالأواقي ، فما قصر عن الأوقية فهو عدد ; يقول الله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) أي لم يبلغ الأوقية .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنهم باعوه بدراهم معدودة غير موزونة ، ولم يحد مبلغ ذلك بوزن ولا عدد ، ولا وضع عليه دلالة في كتاب ولا خبر من الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد يحتمل أن يكون كان عشرين ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين وأن يكون كان أربعين ، وأقل من ذلك وأكثر ، وأي ذلك كان ، فإنها كانت معدودة [ ص: 16 ] غير موزونة ; وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين ، ولا في الجهل به دخول ضر فيه . والإيمان بظاهر التنزيل فرض ، وما عداه فموضوع عنا تكلف علمه .
وكانوا فيه من الزاهدين ) يقول تعالى ذكره : وكان إخوة وقوله : ( يوسف في يوسف من الزاهدين ، لا يعلمون كرامته على الله ، ولا يعرفون منزلته عنده ، فهم مع ذلك يحبون أن يحولوا بينه وبين والده ، ليخلو لهم وجهه منه ، ويقطعوه عن القرب منه ، لتكون المنافع التي كانت مصروفة إلى يوسف دونهم ، مصروفة إليهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
18937 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) قال : لم يعلموا بنبوته ومنزلته من الله .
18938 - حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك ، في قوله : ( وجاءت سيارة ) فنزلت على الجب ، ( فأرسلوا واردهم ) فاستقى من الماء فاستخرج يوسف ، فاستبشروا بأنهم أصابوا غلاما لا يعلمون علمه ولا منزلته من ربه ، فزهدوا فيه ، فباعوه . وكان بيعه حراما ، وباعوه بدراهم معدودة .
18939 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني هشيم ، قال : [ ص: 17 ] أخبرنا جويبر ، عن الضحاك : ( وكانوا فيه من الزاهدين ) قال : إخوته زهدوا ، فلم يعلموا منزلته من الله ونبوته ومكانه .
18940 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ، قال : إخوته زهدوا فيه ، لم يعلموا منزلته من الله . ابن جريج