( مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 ) )
يقول تعالى ذكره : إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين الذين يكذبونك ويجحدون نبوتك ، ليوم تشخص فيه الأبصار . يقول : إنما يؤخر عقابهم وإنزال العذاب بهم ، إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق ، وذلك يوم القيامة .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ليوم تشخص فيه الأبصار ) شخصت فيه والله أبصارهم ، فلا ترتد إليهم .
وأما قوله ( مهطعين ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه ، فقال بعضهم : معناه : مسرعين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ، عن هاشم بن القاسم أبي سعيد المؤدب ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ( مهطعين ) قال : النسلان ، وهو الخبب ، أو ما دون الخبب ، شك أبو سعيد ، يخبون وهم ينظرون .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( مهطعين ) قال : مسرعين .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( مهطعين ) يقول : منطلقين عامدين إلى الداعي .
وقال آخرون : معنى ذلك : مديمي النظر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( مهطعين ) يعني بالإهطاع : النظر من غير أن يطرف .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى ( مهطعين ) فقيل : الإهطاع : التحميج الدائم الذي لا يطرف .
حدثني المثنى ، قال : ثنا ، قال : أخبرنا عمرو بن عون هشيم ، عن مغيرة ، عن أبي الخير بن تميم بن حدلم ، عن أبيه ، في قوله ( مهطعين ) قال : [ ص: 30 ] الإهطاع : التحميج .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ( مهطعين ) قال : شدة النظر الذي لا يطرف .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا عمرو ، قال : أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله ( مهطعين ) قال : شدة النظر في غير طرف .
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( مهطعين ) الإهطاع : شدة النظر في غير طرف .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا شبابة ، قال : ثنا ورقاء ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( مهطعين ) قال : مديمي النظر .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك : لا يرفع رأسه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( مهطعين ) قال : المهطع الذي لا يرفع رأسه . والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه : بمعنى إدامة النظر ، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع ، قول الشاعر :
وبمهطع سرح كأن زمامه في رأس جذع من أول مشدب
[ ص: 31 ] وقول الآخر :بمستهطع رسل كأن جديله بقيدوم رعن من صوام ممنع
يباكرن العضاة بمقنعات نواجذهن كالحدإ الوقيع
أنغض نحوي رأسه وأقنعا كأنما أبصر شيئا أطمعا
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( مقنعي رءوسهم ) قال : [ ص: 32 ] الإقناع : رفع رءوسهم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحسين بن محمد ، قال : ثنا ورقاء ، وقال الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( مقنعي رءوسهم ) قال : رافعيها .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، عن أبي سعد ، قال : قال الحسن : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد .
حدثني المثنى ، قال : ثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن عثمان بن الأسود ، أنه سمع يقول في قوله ( مجاهدا مهطعين مقنعي رءوسهم ) قال : رافعا رأسه هكذا ، ( لا يرتد إليهم طرفهم ) .
حدثني المثنى ، قال : ثنا ، قال : أخبرنا عمرو بن عون هشيم ، عن جويبر عن الضحاك ، في قوله ( مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( مقنعي رءوسهم ) قال : الإقناع رفع رءوسهم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( مقنعي رءوسهم ) قال : المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله ( مقنعي رءوسهم ) قال : رافعيها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( مقنعي رءوسهم ) قال : المقنع الذي يرفع رأسه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ( مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ، عن هاشم بن القاسم أبي سعيد ، عن سالم ، عن سعيد ( مقنعي رءوسهم ) قال : رافعي رءوسهم .
وقوله : ( لا يرتد إليهم طرفهم ) يقول : لا ترجع إليهم لشدة النظر أبصارهم .
[ ص: 33 ] كما حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) قال : شاخصة أبصارهم .
وقوله : ( وأفئدتهم هواء ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : متخرقة لا تعي من الخير شيئا .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، في قوله ( وأفئدتهم هواء ) قال : متخرقة لا تعي شيئا .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا ، عن مالك بن مغول أبي إسحاق ، عن مرة بمثل ذلك .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، مثله .
حدثنا محمد بن عمارة ، قال : ثنا سهل بن عامر ، قال : ثنا مالك وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ( وأفئدتهم هواء ) قال : متخرقة لا تعي شيئا من الخير .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا ، قال : سمعت مالك ، يعني ابن مغول أبا إسحاق ، عن مرة إلا أنه قال : لا تعي شيئا . ولم يقل من الخير .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا شبابة ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مرة ، مثله .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا ، مالك بن مغول وإسرائيل عن أبي إسحاق ، عن مرة ( وأفئدتهم هواء ) قال أحدهما : خربة ، وقال الآخر : متخرقة لا تعي شيئا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( وأفئدتهم هواء ) قال : ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة .
[ ص: 34 ] حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قال : ليس من الخير شيء في أفئدتهم ، كقولك للبيت الذي ليس فيه شيء إنما هو هواء .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال ابن زيد في قوله ( وأفئدتهم هواء ) قال : الأفئدة : القلوب هواء كما قال الله ، ليس فيها عقل ولا منفعة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن أبي بكرة ، عن أبي صالح ( وأفئدتهم هواء ) قال : ليس فيها شيء من الخير .
وقال آخرون : إنها لا تستقر في مكان تردد في أجوافهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قالا حدثنا وأحمد بن إسحاق أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد ( وأفئدتهم هواء ) قال : تمور في أجوافهم ، ليس لها مكان تستقر فيه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ، عن هاشم بن القاسم أبي سعيد ، عن سالم ، عن سعيد بنحوه .
وقال آخرون : معنى ذلك : أنها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قالا حدثنا وأحمد بن إسحاق أبو أحمد الزبيري ، عن إسرائيل ، عن سعيد ، عن مسروق عن أبي الضحى ( وأفئدتهم هواء ) قال : قد بلغت حناجرهم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله ( وأفئدتهم هواء ) قال : هواء ليس فيها شيء ، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وأفئدتهم هواء ) انتزعت حتى صارت في حناجرهم لا تخرج من أفواههم ، ولا تعود إلى أمكنتها .
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك قول من قال : معناه : أنها خالية ليس فيها شيء من الخير ، ولا تعقل شيئا ، وذلك أن العرب تسمي [ ص: 35 ] كل أجوف خاو : هواء ، ومنه قول حسان بن ثابت :
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
ولا تك من أخدان كل براعة هواء كسقب البان جوف مكاسره