القول في تأويل يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ( 48 ) ) قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره : إن الله ذو انتقام ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) من مشركي قومك يا محمد من قريش ، وسائر من كفر بالله وجحد نبوتك ونبوة رسله من قبلك . فيوم من صلة الانتقام .
واختلف في معنى قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) فقال بعضهم : معنى ذلك : يوم تبدل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض ، فتصير أرضا بيضاء كالفضة .
[ ص: 46 ] ذكر من قال ذلك :
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن المثنى محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت عمرو بن ميمون يحدث ، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) قال : أرض كالفضة نقية لم يسل فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، حفاة عراة قياما ، أحسب قال : كما خلقوا ، حتى يلجمهم العرق قياما وحده .
قال : شعبة : ثم سمعته يقول : سمعت عمرو بن ميمون ، ولم يذكر عبد الله ثم عاودته فيه ، قال : حدثنيه هبيرة ، عن عبد الله .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : أخبرنا شعبة ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، قال : سمعت عمرو بن ميمون وربما قال : قال عبد الله : وربما لم يقل ، فقلت له : عن عبد الله؟ قال : سمعت عمرو بن ميمون يقول ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرض كالفضة بيضاء نقية ، لم يسل فيها دم ، ولم يعمل فيها خطيئة ، فينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة كما خلقوا ، قال : أراه قال : قياما حتى يلجمهم العرق .
حدثنا الحسن ، قال : ثنا شبابة ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن مسعود ، في قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) قال : تبدل أرضا بيضاء نقية كأنها فضة ، لم يسفك فيها دم حرام ، ولم يعمل فيها خطيئة .
حدثني المثنى ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، في قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرض الجنة بيضاء نقية ، لم يعمل فيها خطيئة ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، حفاة عراة قياما يلجمهم العرق .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم حرام ، ولم يعمل فيها خطيئة .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا حماد بن زيد ، [ ص: 47 ] قال : أخبرنا ، عن عاصم بن بهدلة زر بن حبيش ، عن ، أنه تلا هذه الآية ( عبد الله بن مسعود يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) قال : يجاء بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة ، قال : فأول ما يحكم بين الناس فيه في الدماء .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا معاوية بن هشام ، عن سنان ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جبيرة ، عن زيد ، قال : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود ، فقال : هل تدرون لم أرسلت إليهم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإني أرسلت إليهم أسألهم عن قول الله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) إنها تكون يومئذ بيضاء مثل الفضة ، فلما جاءوا سألهم . فقالوا : تكون بيضاء مثل النقي .
حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك ، أنه تلا هذه الآية ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يعمل عليها الخطايا ، ينزلها الجبار تبارك وتعالى .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا شبابة ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرض كأنها الفضة ، زاد الحسن في حديثه عن شبابة : والسموات كذلك أيضا كأنها الفضة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرض كأنها الفضة ، والسموات كذلك أيضا .
حدثنا ابن البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : ثني أبو حازم ، قال : سمعت سهل بن سعد يقول : سمعت رسول الله [ ص: 48 ] صلى الله عليه وسلم يقول : " " . قال يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي سهل أو غيره : ليس فيها معلم لغيره .
وقال آخرون : تبدل نارا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن ، عن المنهال بن عمرو قيس بن السكن ، قال : قال عبد الله : الأرض كلها نار يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها ، والذي نفس عبد الله بيده ، إن الرجل ليفيض عرقا ، حتى يرشح في الأرض قدمه ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب ، فقالوا : مم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال : مما يرى الناس ويلقون .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن الأعمش ، عن ، قال : قال خيثمة عبد الله : الأرض كلها يوم القيامة نار ، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها ، ويلجم الناس العرق ، أو يبلغ منهم العرق ، ولم يبلغوا الحساب .
وقال آخرون : بل تبدل الأرض أرضا من فضة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ، قال : ثنا ابن المثنى محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت المغيرة بن مالك يحدث عن المجاشع أو المجاشعي ، شك أبو موسى ، عمن سمع عليا يقول في هذه الآية ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : الأرض من فضة ، والجنة من ذهب .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن شعبة ، عن المغيرة بن مالك ، قال : ثني رجل من بني مجاشع ، يقال له عبد الكريم ، أو ابن عبد الكريم ، قال : حدثني هذا الرجل أراه بسمرقند ، أنه سمع قرأ هذه الآية ( علي بن أبي طالب يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : الأرض من فضة ، والجنة من ذهب .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، عن مغيرة بن مالك ، عن رجل من بني مجاشع ، يقال له عبد الكريم ، أو يكنى أبا عبد الكريم ، قال : [ ص: 49 ] أقامني على رجل بخراسان ، فقال : حدثني هذا أنه سمع ، فذكر نحوه . علي بن أبي طالب
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) . . . الآية ، فزعم أنها تكون فضة .
حدثنا ، قال : ثنا محمد بن إسماعيل أبو صالح ، قال : ثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك قال : يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة .
وقال آخرون : يبدلها خبزة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو سعد سعيد بن دل من صغانيان ، قال : ثنا الجارود بن معاذ الترمذي ، قال : ثنا ، عن وكيع بن الجراح عمر بن بشر الهمداني ، عن سعيد بن جبير ، في قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : تبدل خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه .
حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا ، عن وكيع أبى معشر ، عن ، أو عن محمد بن كعب القرظي محمد بن قيس ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم .
وقال آخرون : تبدل الأرض غير الأرض .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا ، قال : ثنا حجاج بن محمد أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن كعب في قوله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) قال : تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر النار . قال : وتبدل الأرض غيرها .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن إسماعيل بن رافع المدني ، عن يزيد ، عن رجل من الأنصار ، عن ، عن رجل من محمد بن كعب القرظي الأنصار ، عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة [ ص: 50 ] فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها وما كان على ظهرها كان على ظهرها ، وذلك حين يطوي السماوات كطي السجل للكتاب ، ثم يدحو بهما ، ثم تبدل الأرض غير الأرض والسموات" .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو بن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : يجمع الناس يوم القيامة في أرض بيضاء ، لم يعمل فيها خطيئة مقدار أربعين سنة يلجمهم العرق .
وقالت عائشة في ذلك ، ما :
حدثنا ابن أبي الشوارب وحميد بن مسعدة وابن بزيع ، قالوا : حدثنا ، عن يزيد بن زريع داود ، عن عامر ، عن عائشة ، قالت : " . قلت : يا رسول الله ، إذا بدلت الأرض غير الأرض ، وبرزوا لله الواحد القهار ، أين الناس يومئذ؟ قال : على الصراط
حدثنا حميد بن مسعدة وابن بزيع ، قال : ثنا بشر بن المفضل ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .
حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا خالد ، عن داود ، عن عامر ، عن مسروق ، قال : : " يا أم المؤمنين أرأيت قول الله ( لعائشة يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) أين الناس يومئذ؟ فقالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : على الصراط " . قلت
حدثنا ، قال : ثنا ابن المثنى الحسن بن عنبسة الوراق ، قال : ثنا عبد الرحيم ، يعني ابن سليمان الرازي عن ، عن داود بن أبي هند عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قلت : يا رسول الله ، إذا بدلت الأرض غير الأرض ، أين يكون الناس؟ قال : على الصراط " . " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله (
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا عاصم بن علي ، قال : ثنا إسماعيل بن زكريا ، عن داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة بنحوه .
حدثنا ، قال : ثنا ابن المثنى عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن قالت : "أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية" ثم ذكر نحوه . عائشة أم المؤمنين
[ ص: 51 ] حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا ربعي بن إبراهيم الأسدي أخو إسماعيل بن إبراهيم ، عن ، عن داود بن أبي هند عامر ، قال : عائشة : يا رسول الله ، أرأيت إذا بدلت الأرض غير الأرض ، أين الناس يومئذ؟ قال : على الصراط " . قالت
حدثنا الحسن ، قال : ثنا علي بن الجند ، قال : أخبرني القاسم ، قال : سمعت الحسن ، قال : عائشة : يا رسول الله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) فأين الناس يومئذ؟ قال : إن هذا الشيء ما سألني عنه أحد ، قال : على الصراط يا عائشة " . قالت
حدثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : ثني الوليد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن حسان بن بلال المزني ، عن عائشة : أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قول الله ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) قال : قالت : يا رسول الله ، فأين الناس يومئذ؟ قال : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي ، ذاك إذا الناس على جسر جهنم " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) ذكر لنا أن عائشة قالت : " يا رسول الله ، فأين الناس يومئذ؟ فقال : لقد سألت عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك ، قال : هم يومئذ على جسر جهنم" .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، أن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه ، إلا أنه قال : على الصراط .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ، عن يحيى بن أبي كثير أسماء ، عن ثوبان ، قال : " اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ قال : هم في الظلمة دون الجسر . سأل حبر من
حدثني محمد بن عون ، قال : ثنا أبو المغيرة ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، [ ص: 52 ] قال : ثنا سعيد بن ثوبان الكلاعي ، عن ، قال : أبي أيوب الأنصاري أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود ، وقال : أرأيت إذ يقول الله في كتابه ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) فأين الخلق عند ذلك؟ قال : أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه " .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : يوم تبدل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها ، وكذلك السماوات اليوم تبدل غيرها ، كما قال جل ثناؤه ، وجائز أن تكون المبدلة أرضا أخرى من فضة ، وجائز أن تكون نارا وجائز أن تكون خبزا ، وجائز أن تكون غير ذلك ، ولا خبر في ذلك عندنا من الوجه الذي يجب التسليم له أي ذلك يكون ، فلا قول في ذلك يصح إلا ما دل عليه ظاهر التنزيل .
وبنحو ما قلنا في معنى قوله ( والسماوات ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) قال : أرضا كأنها الفضة ( والسماوات ) كذلك أيضا .
وقوله : ( وبرزوا لله الواحد القهار ) يقول : وظهروا لله المنفرد بالربوبية ، الذي يقهر كل شيء فيغلبه ويصرفه لما يشاء كيف يشاء ، فيحيي خلقه إذا شاء ، ويميتهم إذا شاء ، لا يغلبه شيء ، ولا يقهره من قبورهم أحياء لموقف القيامة .