[ ص: 141 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين    ( 88 ) ) 
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : لا تتمنين يا محمد  ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعا للأغنياء من قومك ، الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ، يتمتعون فيها ، فإن من ورائهم عذابا غليظا ( ولا تحزن عليهم   ) يقول : ولا تحزن على ما متعوا به فعجل لهم . فإن لك في الآخرة ما هو خير منه ، مع الذي قد عجلنا لك في الدنيا من الكرامة بإعطائنا السبع المثاني والقرآن العظيم ، يقال منه : مد فلان عينه إلى مال فلان : إذا اشتهاه وتمناه وأراده . 
وذكر عن ابن عيينة  أنه كان يتأول هذه الآية قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن  " : أي من لم يستغن به ، ويقول : ألا تراه يقول ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم   ) فأمره بالاستغناء بالقرآن عن المال ، قال : ومنه قول الآخر : من أوتي القرآن ، فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم صغيرا وصغر عظيما . 
وبنحو الذي قلنا في قوله ( أزواجا ) قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني الحارث ،  قال : ثنا الحسن ،  قال ثنا ورقاء  ، وحدثني المثنى ،  قال : ثنا أبو حذيفة ،  قال : ثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد   ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم   ) : الأغنياء الأمثال الأشباه  . 
حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج  ، عن مجاهد ،  مثله . 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم   ) قال : نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه  . 
 [ ص: 142 ] وقوله : ( واخفض جناحك للمؤمنين   ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم : وألن لمن آمن بك ، واتبعك واتبع كلامك ، وقربهم منك ، ولا تجف بهم ، ولا تغلظ عليهم ، يأمره تعالى ذكره بالرفق بالمؤمنين ، والجناحان من بني آدم : جنباه ، والجناحان : الناحيتان ، ومنه قول الله تعالى ذكره ( واضمم يدك إلى جناحك   ) قيل : معناه : إلى ناحيتك وجنبك . 
				
						
						
