يقول تعالى ذكره : وعلى الله أيها الناس بيان طريق الحق لكم ، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، والسبيل : هي الطريق ، والقصد من الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ، كما قال الراجز :
فصد عن نهج الطريق القاصد
[ ص: 175 ] وقوله : ( ومنها جائر ) يعني تعالى ذكره : ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج ، فالقاصد من السبيل : الإسلام ، والجائر منها : اليهودية والنصرانية ، وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها ، سوى الحنيفية المسلمة ، وقيل : ومنها جائر ، لأن السبيل يؤنث ويذكر ، فأنثت في هذا الموضع ، وقد كان بعضهم يقول : وإنما قيل : ومنها ، لأن السبيل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الجمع .وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( وعلى الله قصد السبيل ) يقول : البيان .
حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وعلى الله قصد السبيل ) يقول : على الله البيان ، أن يبين الهدى والضلالة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن . قال : ثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وعلى الله قصد السبيل ) قال : طريق الحق على الله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله ( وعلى الله قصد السبيل ) يقول : على الله البيان ، بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وعلى الله قصد السبيل ) قال : السبيل : طريق الهدى .
[ ص: 176 ] حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ( وعلى الله قصد السبيل ) قال : إنارتها .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وعلى الله قصد السبيل ) يقول : على الله البيان ، يبين الهدى من الضلالة ، ويبين السبيل التي تفرقت عن سبله ، ومنها جائر .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ومنها جائر ) : أي من السبل ، سبل الشيطان ، وفي قراءة : "ومنكم جائر ولو شاء الله لهداكم أجمعين " . عبد الله بن مسعود
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( ومنها جائر ) قال : في حرف ابن مسعود : "ومنكم جائر" .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله ( ومنها جائر ) يعني : السبل المتفرقة .
حدثني علي بن داود ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله ( ومنها جائر ) يقول : الأهواء المختلفة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( ومنها جائر ) يعني السبل التي تفرقت عن سبيله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ( ابن جريج ومنها جائر ) السبل المتفرقة عن سبيله .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ومنها جائر ) قال : من السبل جائر عن الحق قال : قال الله ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )
وقوله : ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) يقول : ولو شاء الله للطف بجميعكم أيها الناس بتوفيقه ، فكنتم تهتدون وتلزمون قصد السبيل ، ولا تجورون عنه ، فتتفرقون في سبل عن الحق جائرة .
[ ص: 177 ] كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) قال : لو شاء لهداكم أجمعين لقصد السبيل ، الذي هو الحق ، وقرأ ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) الآية ، وقرأ ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) . . . الآية .