القول في تأويل قوله تعالى : ( وما الله بغافل عما تعملون    ( 85 ) ) 
قال أبو جعفر   : اختلف القرأة في قراءة ذلك . فقرأه بعضهم : ( وما الله بغافل عما يعملون ) ب "الياء " ، على وجه الإخبار عنهم ، فكأنهم نحوا بقراءتهم معنى : ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون   ) ، يعني : عما يعمله الذين أخبر الله عنهم أنه ليس لهم جزاء على فعلهم إلا الخزي في الحياة الدنيا ، ومرجعهم في الآخرة إلى أشد العذاب . 
وقرأه آخرون : ( وما الله بغافل عما تعملون   ) ب "التاء " على وجه المخاطبة .  [ ص: 316 ] قال : فكأنهم نحوا بقراءتهم : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض   ) . وما الله بغافل ، يا معشر اليهود ،  عما تعملون أنتم . 
وأعجب القراءتين إلي قراءة من قرأ ب "الياء " ، اتباعا لقوله : ( فما جزاء من يفعل ذلك منكم   ) ، ولقوله : ( ويوم القيامة يردون ) ؛ لأن قوله : ( وما الله بغافل عما يعملون   ) إلى ذلك ، أقرب منه إلى قوله : ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض   ) ، فاتباعه الأقرب إليه ، أولى من إلحاقه بالأبعد منه ، والوجه الآخر غير بعيد من الصواب . 
وتأويل قوله : "وما الله بغافل عما يعملون" ، وما الله بساه عن أعمالهم الخبيثة ، بل هو محص لها وحافظها عليهم حتى يجازيهم بها في الآخرة ، ويخزيهم في الدنيا ، فيذلهم ويفضحهم . 
				
						
						
