القول في تأويل قوله تعالى : ( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا [ ص: 278 ] عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ( 89 ) )
يقول تعالى ذكره ( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم ) يقول : نسأل نبيهم الذي بعثناه إليهم للدعاء إلى طاعتنا ، وقال ( من أنفسهم ) لأنه تعالى ذكره كان يبعث إلى أمم أنبياءها منها : ماذا أجابوكم ، وما ردوا عليكم ( وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وجئنا بك يا محمد شاهدا على قومك وأمتك الذين أرسلتك إليهم بما أجابوك ، وماذا عملوا فيما أرسلتك به إليهم . وقوله : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) يقول : نزل عليك يا محمد هذا القرآن بيانا لكل ما بالناس إليه الحاجة من معرفة الحلال والحرام والثواب والعقاب ( وهدى ) من الضلال ( ورحمة ) لمن صدق به ، وعمل بما فيه من حدود الله ، وأمره ونهيه ، فأحل حلاله ، وحرم حرامه ( وبشرى للمسلمين ) يقول : وبشارة لمن أطاع الله وخضع له بالتوحيد ، وأذعن له بالطاعة ، يبشره بجزيل ثوابه في الآخرة ، وعظيم كرامته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، قال : ثنا عن أبان بن تغلب ، الحكم ، عن مجاهد ( تبيانا لكل شيء ) قال : مما أحل وحرم .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن عن أبان بن تغلب ، مجاهد ، في قوله ( تبيانا لكل شيء ) مما أحل لهم وحرم عليهم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قوله ( تبيانا لكل شيء ) قال : ما أمر به ، وما نهي عنه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن في قوله ( ابن جريج ، ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) قال : ما أمروا به ، ونهوا عنه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عن [ ص: 279 ] محمد بن فضيل ، أشعث ، عن رجل ، قال : قال ابن مسعود : أنزل في هذا القرآن كل علم وكل شيء قد بين لنا في القرآن . ثم تلا هذه الآية .