القول في تأويل قوله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم  ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا   ( 9 ) وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما   ( 10 ) ) 
يقول تعالى ذكره : إن هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدد من اهتدى به ( للتي هي أقوم   ) يقول : للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل ، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام ، يقول جل ثناؤه : فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به . 
كما حدثني يونس ،  قال : أخبرنا ابن وهب ،  قال : قال ابن زيد ،  في قوله ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم   ) قال : التي هي أصوب : هو الصواب وهو الحق; قال : والمخالف هو الباطل . وقرأ قول الله تعالى ( فيها كتب  [ ص: 393 ] قيمة ) قال : فيها الحق ليس فيها عوج . وقرأ ( ولم يجعل له عوجا قيما   ) يقول : قيما مستقيما . 
وقوله ( ويبشر المؤمنين   ) يقول : ويبشر أيضا مع هدايته من اهتدى به للسبيل الأقصد الذين يؤمنون بالله ورسوله ، ويعملون في دنياهم بما أمرهم الله به ، وينتهون عما نهاهم عنه بأن ( لهم أجرا   ) من الله على إيمانهم وعملهم الصالحات ( كبيرا ) يعني ثوابا عظيما ، وجزاء جزيلا وذلك هو الجنة التي أعدها الله تعالى لمن رضي عمله . 
كما حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج   ( أن لهم أجرا كبيرا   ) قال : الجنة ، وكل شيء في القرآن أجر كبير ، أجر كريم ، ورزق كريم فهو الجنة ، 
وأن في قوله ( أن لهم أجرا كبيرا   ) نصب بوقوع البشارة عليها ، وأن الثانية معطوفة عليها . 
وقوله ( وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة   ) يقول تعالى ذكره : 
وأن الذين لا يصدقون بالمعاد إلى الله ، ولا يقرون بالثواب والعقاب في الدنيا ، فهم لذلك لا يتحاشون من ركوب معاصي الله ( أعتدنا لهم   ) يقول : أعددنا لهم ، لقدومهم على ربهم يوم القيامة ( عذابا أليما   ) يعني موجعا ، وذلك عذاب جهنم . 
				
						
						
