القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28988_31033تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ( 73 ) )
اختلف أهل التأويل في الفتنة التي كاد المشركون أن يفتنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها عن الذي أوحى الله إليه إلى غيره ، فقال بعضهم : ذلك الإلمام بالآلهة ، لأن المشركين دعوه إلى ذلك ، فهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
يعقوب القمي ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود ، فمنعته قريش ، وقالوا : لا ندعه حتى يلم بآلهتنا ، فحدث نفسه ، وقال : ما علي أن ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر ، والله يعلم أني لها كاره ، فأبى الله ، فأنزل الله ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره ) الآية .
[ ص: 507 ]
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا )
ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه ، وكان في قولهم أن قالوا : إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا وابن سيدنا ، فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقارفهم ثم منعه الله وعصمه من ذلك ، فقال ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) .
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73لتفتري علينا غيره ) قال :
أطافوا به ليلة ، فقالوا : أنت سيدنا وابن سيدنا ، فأرادوه على بعض ما يريدون فهم أن يقارفهم في بعض ما يريدون ، ثم عصمه الله ، فذلك قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) الذي أرادوا فهم أن يقارفهم فيه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قال : قالوا له : ائت آلهتنا فامسسها ، فذلك قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شيئا قليلا ) .
وقال آخرون : إنما كان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أن ينظر قوما بإسلامهم إلى مدة سألوه الإنظار إليها .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ) وذلك
أن ثقيفا كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا ، فإذا قبضنا الذي يهدى لآلهتنا أخذناه ، ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ، وأن يؤجلهم ، فقال الله ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، أن المشركين كادوا أن يفتنوه عما أوحاه الله إليه
[ ص: 508 ] ليعمل بغيره ، وذلك هو الافتراء على الله ، وجائز أن يكون ذلك كان ما ذكر عنهم من ذكر أنهم دعوه أن يمس آلهتهم ، ويلم بها ، وجائز أن يكون كان ذلك ما ذكر عن
ابن عباس من أمر ثقيف ، ومسألتهم إياه ما سألوه مما ذكرنا ، وجائز أن يكون غير ذلك ، ولا بيان في الكتاب ولا في خبر يقطع العذر أي ذلك كان ، والاختلاف فيه موجود على ما ذكرنا ، فلا شيء فيه أصوب من الإيمان بظاهره ، حتى يأتي خبر يجب التسليم له ببيان ما عني بذلك منه .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإذا لاتخذوك خليلا ) يقول تعالى ذكره : ولو فعلت ما دعوك إليه من الفتنة عن الذي أوحينا إليك لاتخذوك إذا لأنفسهم خليلا وكنت لهم وكانوا لك أولياء .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28988_31033تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ( 73 ) )
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي كَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَفْتِنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَنِ الَّذِي أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِلَى غَيْرِهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : ذَلِكَ الْإِلْمَامُ بِالْآلِهَةِ ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ دَعَوْهُ إِلَى ذَلِكَ ، فَهَمَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
يَعْقُوبُ الْقَمِّيُّ ، عَنْ
جَعْفَرٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، قَالَ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، فَمَنَعَتْهُ قُرَيْشٌ ، وَقَالُوا : لَا نَدَعُهُ حَتَّى يُلِمَّ بِآلِهَتِنَا ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ ، وَقَالَ : مَا عَلَيَّ أَنْ أُلِمَّ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَدَعُونِي أَسْتَلِمُ الْحَجَرَ ، وَاللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَهَا كَارِهٌ ، فَأَبَى اللَّهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) الْآيَةَ .
[ ص: 507 ]
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )
ذُكِرَ لَنَا أَنَّ قُرَيْشًا خَلَوْا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى الصُّبْحِ يُكَلِّمُونَهُ وَيُفَخِّمُونَهُ وَيُسَوِّدُونَهُ وَيُقَارِبُونَهُ ، وَكَانَ فِي قَوْلِهِمْ أَنْ قَالُوا : إِنَّكَ تَأْتِي بِشَيْءٍ لَا يَأْتِي بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ ، وَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا ، فَمَا زَالُوا يُكَلِّمُونَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُقَارِفَهُمْ ثُمَّ مَنَعَهُ اللَّهُ وَعَصَمَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ) قَالَ :
أَطَافُوا بِهِ لَيْلَةً ، فَقَالُوا : أَنْتَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا ، فَأَرَادُوهُ عَلَى بَعْضِ مَا يُرِيدُونَ فَهَمَّ أَنْ يُقَارِفَهُمْ فِي بَعْضِ مَا يُرِيدُونَ ، ثُمَّ عَصَمَهُ اللَّهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) الَّذِي أَرَادُوا فَهَمَّ أَنْ يُقَارِفَهُمْ فِيهِ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : قَالُوا لَهُ : ائْتِ آلِهَتَنَا فَامْسَسْهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74شَيْئًا قَلِيلًا ) .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ أَنْ يَنْظُرَ قَوْمًا بِإِسْلَامِهِمْ إِلَى مُدَّةٍ سَأَلُوهُ الْإِنْظَارَ إِلَيْهَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ) وَذَلِكَ
أَنْ ثَقِيفًا كَانُوا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِّلْنَا سَنَةً حَتَّى يُهْدَى لِآلِهَتِنَا ، فَإِذَا قَبَضْنَا الَّذِي يُهْدَى لِآلِهَتِنَا أَخَذْنَاهُ ، ثُمَّ أَسْلَمْنَا وَكَسَرْنَا الْآلِهَةَ ، فَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ، وَأَنْ يُؤَجِّلَهُمْ ، فَقَالَ اللَّهُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=74وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَادُوا أَنْ يَفْتِنُوهُ عَمَّا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيْهِ
[ ص: 508 ] لِيَعْمَلَ بِغَيْرِهِ ، وَذَلِكَ هُوَ الِافْتِرَاءُ عَلَى اللَّهِ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مَا ذُكْرَ عَنْهُمْ مِنْ ذِكْرِ أَنَّهُمْ دَعَوْهُ أَنْ يَمَسَّ آلِهَتُهُمْ ، وَيُلِمَّ بِهَا ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَمْرٍ ثَقِيفٍ ، وَمَسْأَلَتِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلُوهُ مِمَّا ذَكَّرْنَا ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَلَا بَيَانَ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي خَبَرٍ يَقْطَعُ الْعُذْرَ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مَوْجُودٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَصْوَبُ مِنَ الْإِيمَانِ بِظَاهِرِهِ ، حَتَّى يَأْتِيَ خَبَرٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ بِبَيَانٍ مَا عُنِيَ بِذَلِكَ مِنْهُ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَوْ فَعَلَتْ مَا دَعَوْكَ إِلَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لَاتَّخَذُوكَ إِذَا لِأَنْفُسِهِمْ خَلِيلًا وَكُنْتَ لَهُمْ وَكَانُوا لَكَ أَوْلِيَاءَ .