القول في تأويل قوله تعالى : ( فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا    ( 74 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ( فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله   ) العالم ، ف ( قال ) له موسى : ( أقتلت نفسا زكية   ) . 
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز   [ ص: 75 ] والبصرة   : ( أقتلت نفسا زاكية   ) وقالوا معنى ذلك : المطهرة التي لا ذنب لها ، ولم تذنب قط لصغرها ، وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة   : ( نفسا زكية   ) بمعنى : التائبة المغفور لها ذنوبها . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد ،  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس   : ( أقتلت نفسا زكية   ) والزكية : التائبة  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( قال أقتلت نفسا زكية   ) قال : الزكية : التائبة  . 
حدثنا الحسن بن يحيى ،  قال : أخبرنا عبد الرزاق ،  قال : أخبرنا معمر   " أقتلت نفسا زاكية" قال : قال الحسن   : تائبة ، هكذا في حديث الحسن  وشهر  زاكية . 
حدثت عن الحسين ،  قال : سمعت أبا معاذ  يقول : ثنا عبيد ،  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( نفسا زكية   ) قال : تائبة  . 
ذكر من قال : معناها المسلمة التي لا ذنب لها : حدثنا القاسم ،  قال : ثنا الحسين ،  قال : ثني حجاج ،  عن  ابن جريج ،  قال : أخبرني يعلى بن مسلم ،  أنه سمع سعيد بن جبير  يقول : وجد خضر غلمانا يلعبون ، فأخذ غلاما ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين ، قال : وأخبرني وهب بن سليمان  عن شعيب الجبئي  قال : اسم الغلام الذي قتله الخضر : جيسور  ( قال أقتلت نفسا زكية   ) قال : مسلمة . قال : وقرأها ابن عباس   : ( زكية ) كقولك : زكيا . 
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل الكوفة  يقول : معنى الزكية والزاكية واحد ، كالقاسية والقسية ، ويقول : هي التي لم تجن شيئا ، وذلك هو الصواب عندي لأني لم أجد فرقا بينهما في شيء من كلام العرب . 
فإذا كان ذلك كذلك ، فبأي القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب ، لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنى واحد . 
وقوله : ( بغير نفس   ) يقول : بغير قصاص بنفس قتلت ، فلزمها القتل قودا بها ، وقوله : ( لقد جئت شيئا نكرا   ) يقول : لقد جئت بشيء منكر ، وفعلت  [ ص: 76 ] فعلا غير معروف . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( لقد جئت شيئا نكرا   ) والنكر أشد من الإمر  . 
				
						
						
