[ ص: 199 ] القول في أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ( 38 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره مخبرا عن حال الكافرين به ، الجاعلين له أندادا ، والزاعمين أن له ولدا يوم ورودهم عليه في الآخرة : لئن كانوا في الدنيا عميا عن إبصار الحق ، والنظر إلى حجج الله التي تدل على وحدانيته ، صما عن سماع آي كتابه ، وما دعتهم إليه رسل الله فيها من الإقرار بتوحيده ، وما بعث به أنبياءه ، فما أسمعهم يوم قدومهم على ربهم في الآخرة ، وأبصرهم يومئذ حين لا ينفعهم الإبصار والسماع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( أسمع بهم وأبصر ) ذاك والله يوم القيامة ، سمعوا حين لا ينفعهم السمع ، وأبصروا حين لا ينفعهم البصر .
حدثنا الحسن ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( أسمع بهم وأبصر ) قال : أسمع بقوم وأبصرهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قال ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) يوم القيامة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، قال : ( أسمع ) بحديثهم اليوم ( وأبصر ) كيف يصنع بهم ( يوم يأتوننا ) .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) قال : هذا يوم القيامة ، فأما الدنيا فلا ، كانت على أبصارهم غشاوة ، وفي آذانهم وقر في الدنيا; فلما كان يوم القيامة أبصروا وسمعوا فلم ينتفعوا ، وقرأ ( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) . [ ص: 200 ]
وقوله ( لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ) يقول تعالى ذكره : لكن الكافرون الذين أضافوا إليه ما ليس من صفته ، وافتروا عليه الكذب اليوم في الدنيا ، في ضلال مبين : يقول : في ذهاب عن سبيل الحق ، وأخذ على غير استقامة ، مبين أنه جائر عن طريق الرشد والهدى ، لمن تأمله وفكر فيه ، فهدي لرشده .