القول في تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا ( 4 ) تأويل قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ( 5 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هذا القرآن تنزيل من الرب الذي خلق الأرض والسماوات العلى ، والعلى : جمع عليا .
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله ( تنزيلا ) فقال بعض نحويي البصرة : نصب ذلك بمعنى : نزل الله تنزيلا وقال بعض من أنكر ذلك من قيله هذا من كلامين ، ولكن المعنى : هو تنزيل ، ثم أسقط هو ، واتصل بالكلام الذي قبله ، فخرج منه ، ولم يكن من لفظه .
قال أبو جعفر : والقولان جميعا عندي غير خطأ .
وقوله ( الرحمن على العرش استوى ) يقول تعالى ذكره : الرحمن على عرشه ارتفع وعلا .
وقد بينا معنى الاستواء بشواهده فيما مضى وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وللرفع في الرحمن وجهان : أحدهما بمعنى قوله : تنزيلا فيكون معنى الكلام : نزله من خلق الأرض والسماوات ، نزله [ ص: 271 ] الرحمن الذي على العرش استوى ، والآخر بقوله ( على العرش استوى ) لأن في قوله استوى ، ذكرا من الرحمن .