القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28991_30292تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى ( 16 ) )
يقول تعالى ذكره : إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) فعلى ضم الألف من أخفيها قراءة جميع قراء أمصار الإسلام ، بمعنى : أكاد أخفيها من نفسي ، لئلا يطلع عليها أحد ، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) يقول : لا أظهر عليها أحدا غيري .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قال : لا تأتيكم إلا بغتة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو أحمد ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قال : من نفسي .
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) قال : من نفسي .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) قال : من نفسي .
حدثني
عبد الأعلى بن واصل ، قال : ثنا
محمد بن عبيد الطنافسي ، قال :
[ ص: 286 ] ثنا
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح ، في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) قال : يخفيها من نفسه .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) وهي في بعض القراءة : أخفيها من نفسي . ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ، ومن الأنبياء المرسلين .
حدثنا
الحسن ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة ، قال : في بعض الحروف : "إن الساعة آتيه أكاد أخفيها من نفسي" .
وقال آخرون : إنما هو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) بفتح الألف من أخفيها بمعنى : أظهرها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
محمد بن سهل ، قال : سألني رجل في المسجد عن هذا البيت .
داب شهرين ثم شهرا دميكا بأريكين يخفيان غميرا
فقلت : يظهران ، فقال
ورقاء بن إياس وهو خلفي : أقرأنيها
سعيد بن جبير (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) بنصب الألف ، وقد روي عن
سعيد بن جبير وفاق قول الآخرين الذين قالوا : معناه : أكاد أخفيها من نفسي .
ذكر الرواية عنه بذلك : حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير ومنصور ، عن مجاهد ، قالا (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إن الساعة آتية أكاد أخفيها ) قالا من نفسي .
حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا
ابن فضيل ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) قال : من نفسي .
[ ص: 287 ]
قال
أبو جعفر : والذي هو أولى بتأويل الآية من القول ، قول من قال : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، لأن تأويل أهل التأويل بذلك جاء ، والذي ذكر عن
سعيد بن جبير من قراءة ذلك بفتح الألف قراءة لا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءة الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به نقلا مستفيضا .
فإن قال قائل : ولم وجهت تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها ) بضم الألف إلى معنى : أكاد أخفيها من نفسي ، دون توجيهه إلى معنى : أكاد أظهرها ، وقد علمت أن للإخفاء في كلام العرب وجهين : أحدهما الإظهار ، والآخر الكتمان ، وأن الإظهار في هذا الموضع أشبه بمعنى الكلام ، إذ كان الإخفاء من نفسه يكاد عند السامعين أن يستحيل معناه ، إذ كان محالا أن يخفي أحد عن نفسه شيئا هو به عالم ، والله تعالى ذكره لا يخفى عليه خافية؟ قيل : الأمر في ذلك بخلاف ما ظننت ، وإنما وجهنا معنى ( أخفيها ) بضم الألف إلى معنى : أسترها من نفسي ، لأن المعروف من معنى الإخفاء في كلام العرب : الستر . يقال : قد أخفيت الشيء : إذا سترته ، وأن الذين وجهوا معناه إلى الإظهار ، اعتمدوا على بيت
لامرئ القيس بن عابس الكندي .
حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078معمر بن المثنى أنه قال : أنشدنيه
أبو الخطاب ، عن أهله في بلده :
فإن تدفنوا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعد
بضم النون من لا نخفه ، ومعناه : لا نظهره ، فكان اعتمادهم في توجيه الإخفاء في هذا الموضع إلى الإظهار على ما ذكروا من سماعهم هذا البيت ، على ما وصفت
[ ص: 288 ] من ضم النون من نخفه ، وقد أنشدني الثقة عن
الفراء :
فإن تدفنوا الداء لا نخفه
بفتح النون من نخفه ، من خفيته أخفيه ، وهو أولى بالصواب لأنه المعروف من كلام العرب .
فإذا كان ذلك كذلك ، وكان الفتح في الألف من أخفيها غير جائز عندنا لما ذكرنا ، ثبت وصح الوجه الآخر ، وهو أن معنى ذلك . أكاد استرها من نفسي .
وأما وجه صحة القول في ذلك ، فهو أن الله تعالى ذكره خاطب بالقرآن العرب على ما يعرفونه من كلامهم وجرى به خطابهم بينهم ، فلما كان معروفا في كلامهم أن يقول أحدهم إذا أراد المبالغة في الخبر عن إخفائه شيئا هو له مسر : قد كدت أن أخفي هذا الأمر عن نفسي من شدة استسراري به ، ولو قدرت أخفيه عن نفسي أخفيته ، خاطبهم على حسب ما قد جرى به استعمالهم في ذلك من الكلام بينهم ، وما قد عرفوه في منطقهم وقد قيل في ذلك أقوال غير ما قلنا . وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين ، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم ، فيما استفاض القول به منهم ، وجاء عنهم مجيئا يقطع العذر ، فأما الذين قالوا في ذلك غير قولنا ممن قال فيه على وجه الانتزاع من كلام العرب ، من غير أن يعزوه إلى إمام من الصحابة أو التابعين ، وعلى وجه يحتمل الكلام من غير وجهه المعروف ، فإنهم اختلفوا في معناه بينهم ، فقال بعضهم : يحتمل معناه : أريد أخفيها ، قال : وذلك معروف في اللغة ، وذكر أنه حكي عن العرب أنهم يقولون : أولئك أصحابي الذين أكاد أنزل عليهم ، وقال : معناه : لا أنزل إلا عليهم . قال : وحكي : أكاد أبرح منزلي : أي ما أبرح منزلي ، واحتج ببيت أنشده لبعض الشعراء :
كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من عهد الصبابة ما مضى
[ ص: 289 ]
وقال : يريد : بكادت : أرادت ، قال : فيكون المعنى : أريد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى . قال : ومما يشبه ذلك قول
زيد الخيل :
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه فما أن تكاد قرنه يتنفس
وقال : كأنه قال : فما يتنفس قرنه ، وإلا ضعف المعنى; قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
إذا غير النأي المحبين لم يكد رسيس الهوى من حب مية يبرح
قال : وليس المعنى : لم يكد يبرح : أي بعد يسر ، ويبرح بعد عسر; وإنما
[ ص: 290 ] المعنى : لم يبرح ، أو لم يرد يبرح ، وإلا ضعف المعنى; قال : وكذلك قول
أبي النجم :
وإن أتاك نعي فاندبن أبا قد كاد يضطلع الأعداء والخطبا
وقال : يكون المعنى : قد اضطلع الأعداء ، وإلا لم يكن مدحا إذا أراد كاد ولم يرد يفعل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إن الساعة آتية أكاد ، قال : وانتهى الخبر عند قوله أكاد لأن معناه : أكاد أن آتي بها ، قال : ثم ابتدأ فقال : ولكني أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ، قال : وذلك نظير قول
ابن ضابي :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي أقاربه
فقال : كدت ، ومعناه : كدت أفعل .
وقال آخرون : معنى ( أخفيها ) أظهرها ، وقالوا : الإخفاء والإسرار قد توجههما العرب إلى معنى الإظهار ، واستشهد بعضهم لقيله ذلك ببيت
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
[ ص: 291 ] فلما رأى الحجاج جرد سيفه أسر الحروري الذي كان أضمرا
وقال : عنى بقوله : أسر : أظهر . قال : وقد يجوز أن يكون معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=54وأسروا الندامة ) وأظهروها ، قال : وذلك أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ) . وقال جميع هؤلاء الذين حكينا قولهم جائز أن يكون قول من قال : معنى ذلك : أكاد أخفيها من نفسي ، أن يكون أراد : أخفيها من قبلي ومن عندي ، وكل هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا توجيه منهم للكلام إلى غير وجهه المعروف ، وغير جائز توجيه معاني كلام الله إلى غير الأغلب عليه من وجوهه عند المخاطبين به ، ففي ذلك مع خلافهم تأويل أهل العلم فيه شاهد عدل على خطأ ما ذهبوا إليه فيه .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30531_28991لتجزى كل نفس بما تسعى ) يقول تعالى ذكره : إن الساعة آتية لتجزى كل نفس : يقول : لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى ، يقول : بما تعمل من خير وشر ، وطاعة ومعصية ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فلا يصدنك عنها ) يقول تعالى ذكره : فلا يردنك يا
موسى عن التأهب للساعة ، من لا يؤمن بها ، يعني : من لا يقر بقيام الساعة ، ولا يصدق بالبعث بعد الممات ، ولا يرجو ثوابا ، ولا يخاف عقابا . وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16واتبع هواه ) يقول : اتبع هوى نفسه ، وخالف أمر الله ونهيه ( فتردى ) يقول : فتهلك إن أنت انصددت عن التأهب للساعة ، وعن الإيمان بها ، وبأن الله باعث الخلق لقيامها من قبورهم بعد فنائهم بصد من كفر بها ، وكان بعضهم يزعم أن الهاء والألف من قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فلا يصدنك عنها ) كناية عن ذكر الإيمان ، قال : وإنما قيل عنها وهي كناية
[ ص: 292 ] عن الإيمان كما قيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=153إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) يذهب إلى الفعلة ، ولم يجر للإيمان ذكر في هذا الموضع ، فيجعل ذلك من ذكره ، وإنما جرى ذكر الساعة ، فهو بأن يكون من ذكرها أولى .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28991_30292تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ( 16 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّ السَّاعَةَ الَّتِي يَبْعَثُ اللَّهُ فِيهَا الْخَلَائِقَ مِنْ قُبُورِهِمْ لِمَوْقِفِ الْقِيَامَةِ جَائِيَةٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) فَعَلَى ضَمِّ الْأَلِفِ مِنْ أُخْفِيهَا قِرَاءَةُ جَمِيعِ قُرَّاءِ أَمْصَارِ الْإِسْلَامِ ، بِمَعْنَى : أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي ، لِئَلَّا يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَحَدٌ ، وَبِذَلِكَ جَاءَ تَأْوِيلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلَيٌّ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : ثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلَيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) يَقُولُ : لَا أَظْهَرُ عَلَيْهَا أَحَدًا غَيْرِي .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
لَيْثٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : مِنْ نَفْسِي .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : مِنْ نَفْسِي .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : مِنْ نَفْسِي .
حَدَّثَنِي
عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطُّنَافِسِيُّ ، قَالَ :
[ ص: 286 ] ثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : يُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِهِ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) وَهِيَ فِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ : أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي . وَلَعَمْرِي لَقَدْ أَخْفَاهَا اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَمِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ .
حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَالَ : فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ : "إِنَّ السَّاعَةَ آتِيهٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي" .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا هُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ أُخْفِيهَا بِمَعْنَى : أُظْهِرُهَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : سَأَلَنِي رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ .
دَابَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ شَهْرًا دَمِيكًا بِأَرِيكَيْنِ يَخْفِيَانِ غَمِيرًا
فَقُلْت : يَظْهَرَانِ ، فَقَالَ
وَرْقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ وَهُوَ خَلْفِي : أَقْرَأَنِيهَا
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بِنَصْبِ الْأَلِفِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وِفَاقَ قَوْلِ الْآخَرِينَ الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَاهُ : أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي .
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِذَلِكَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمَنْصُورٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَا مِنْ نَفْسِي .
حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ ، قَالَ : ثَنَا
ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) قَالَ : مِنْ نَفْسِي .
[ ص: 287 ]
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنَ الْقَوْلِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي ، لِأَنَّ تَأْوِيلَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ بِذَلِكَ جَاءَ ، وَالَّذِي ذُكِرَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِخِلَافِهَا قِرَاءَةَ الْحُجَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ نَقْلًا مُسْتَفِيضًا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَلِمَ وَجَّهْتَ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا ) بِضَمِّ الْأَلِفِ إِلَى مَعْنَى : أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي ، دُونَ تَوْجِيهِهِ إِلَى مَعْنَى : أَكَادُ أُظْهِرُهَا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ لِلْإِخْفَاءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْإِظْهَارُ ، وَالْآخَرُ الْكِتْمَانُ ، وَأَنَّ الْإِظْهَارَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَشْبَهُ بِمَعْنَى الْكَلَامِ ، إِذْ كَانَ الْإِخْفَاءُ مِنْ نَفْسِهِ يَكَادُ عِنْدَ السَّامِعِينَ أَنْ يَسْتَحِيلَ مَعْنَاهُ ، إِذْ كَانَ مُحَالًا أَنْ يُخْفِيَ أَحَدٌ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا هُوَ بِهِ عَالِمٌ ، وَاللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ؟ قِيلَ : الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَنْتَ ، وَإِنَّمَا وَجَّهْنَا مَعْنَى ( أُخْفِيهَا ) بِضَمِّ الْأَلِفِ إِلَى مَعْنَى : أَسْتُرُهَا مِنْ نَفْسِي ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَعْنَى الْإِخْفَاءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : السَّتْرُ . يُقَالُ : قَدْ أَخْفَيْتُ الشَّيْءَ : إِذَا سَتَرْتُهُ ، وَأَنَّ الَّذِينَ وَجَّهُوا مَعْنَاهُ إِلَى الْإِظْهَارِ ، اعْتَمَدُوا عَلَى بَيْتٍ
لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَابِسٍ الْكِنْدِيِّ .
حُدِّثْتُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12078مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى أَنَّهُ قَالَ : أَنْشَدَنِيهِ
أَبُو الْخَطَّابِ ، عَنْ أَهْلِهِ فِي بَلَدِهِ :
فَإِنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لَا نُخْفِهِ وَإِنْ تَبْعَثُوا الْحَرْبَ لَا نَقْعُدِ
بِضَمِّ النُّونِ مَنْ لَا نَخَفْهُ ، وَمَعْنَاهُ : لَا نُظْهِرُهُ ، فَكَانَ اعْتِمَادُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْإِخْفَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى الْإِظْهَارِ عَلَى مَا ذَكَرُوا مِنْ سَمَاعِهِمْ هَذَا الْبَيْتَ ، عَلَى مَا وَصَفْتُ
[ ص: 288 ] مِنْ ضَمِّ النُّونِ مَنْ نُخْفِهِ ، وَقَدْ أَنْشَدَنِي الثِّقَةُ عَنِ
الْفَرَّاءِ :
فَإِنْ تَدْفِنُوا الدَّاءَ لَا نَخْفِهِ
بِفَتْحِ النُّونِ مَنْ نَخْفِهِ ، مِنْ خَفَيْتُهُ أُخْفِيهِ ، وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ .
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَكَانَ الْفَتْحُ فِي الْأَلِفِ مِنْ أُخْفِيهَا غَيْرَ جَائِزٍ عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَا ، ثَبَتَ وَصَحَّ الْوَجْهُ الْآخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ . أَكَادُ اسْتُرْهَا مِنْ نَفْسِي .
وَأَمَّا وَجْهُ صِحَّةِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ ، فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ خَاطَبَ بِالْقُرْآنِ الْعَرَبَ عَلَى مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَجَرَى بِهِ خِطَابُهُمْ بَيْنَهُمْ ، فَلَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا فِي كَلَامِهِمْ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْخَبَرِ عَنْ إِخْفَائِهِ شَيْئًا هُوَ لَهُ مُسِرٌّ : قَدْ كِدْتُ أَنْ أُخْفِيَ هَذَا الْأَمْرَ عَنْ نَفْسِي مِنْ شِدَّةِ اسْتِسْرَارَي بِهِ ، وَلَوْ قَدِرْتُ أُخْفِيهِ عَنْ نَفْسِي أَخْفَيْتُهُ ، خَاطَبَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا قَدْ جَرَى بِهِ اسْتِعْمَالُهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ بَيْنَهُمْ ، وَمَا قَدْ عَرَفُوهُ فِي مَنْطِقِهِمْ وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ غَيْرَ مَا قُلْنَا . وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا هَذَا الْقَوْلَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَقْوَالِ لِمُوَافَقَةِ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ ، إِذْ كُنَّا لَا نَسْتَجِيزُ الْخِلَافَ عَلَيْهِمْ ، فِيمَا اسْتَفَاضَ الْقَوْلُ بِهِ مِنْهُمْ ، وَجَاءَ عَنْهُمْ مَجِيئًا يَقْطَعُ الْعُذْرَ ، فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا فِي ذَلِكَ غَيْرَ قَوْلِنَا مِمَّنْ قَالَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الِانْتِزَاعِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْزُوهُ إِلَى إِمَامٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينِ ، وَعَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُ الْكَلَامُ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَعْرُوفِ ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ : أُرِيدُ أُخْفِيهَا ، قَالَ : وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ ، وَذُكِرَ أَنَّهُ حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : أُولَئِكَ أَصْحَابِي الَّذِينَ أَكَادُ أَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ : مَعْنَاهُ : لَا أَنْزِلُ إِلَّا عَلَيْهِمْ . قَالَ : وَحُكِيَ : أَكَادُ أَبْرَحُ مَنْزِلِي : أَيْ مَا أَبْرَحُ مَنْزِلِي ، وَاحْتَجَّ بِبَيْتٍ أَنْشَدَهُ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ :
كَادَتْ وكِدْتُ وَتِلْكَ خَيْرُ إِرَادَةٍ لَوْ عَادَ مِنْ عَهْدِ الصَّبَابَةِ مَا مَضَى
[ ص: 289 ]
وَقَالَ : يُرِيدُ : بِكَادَتْ : أَرَادَتْ ، قَالَ : فَيَكُونُ الْمَعْنَى : أُرِيدُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى . قَالَ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ قَوْلُ
زَيْدِ الْخَيْلِ :
سَرِيعٌ إِلَى الْهَيْجَاءِ شَاكٍ سِلَاحُهُ فَمَا أَنْ تَكَادَ قِرْنُهُ يَتَنَفَّسُ
وَقَالَ : كَأَنَّهُ قَالَ : فَمَا يَتَنَفَّسُ قِرْنُهُ ، وَإِلَّا ضَعُفَ الْمَعْنَى; قَالَ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
إِذَا غَيَّرَ النَّأْيُ الْمُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ رَسِيسُ الْهَوَى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ
قَالَ : وَلَيْسَ الْمَعْنَى : لَمْ يَكَدْ يَبْرَحُ : أَيْ بَعْدَ يُسْرٍ ، وَيَبْرَحُ بَعْدَ عُسْرٍ; وَإِنَّمَا
[ ص: 290 ] الْمَعْنَى : لَمْ يَبْرَحْ ، أَوْ لَمْ يُرِدْ يَبْرَحُ ، وَإِلَّا ضَعُفَ الْمَعْنَى; قَالَ : وَكَذَلِكَ قَوْلُ
أَبِي النَّجْمِ :
وَإِنْ أَتَاكَ نَعِيٌّ فَانْدُبَنَّ أَبًا قَدْ كَادَ يَضطْلِعُ الْأَعْدَاءَ والْخُطَبَا
وَقَالَ : يَكُونُ الْمَعْنَى : قَدِ اضْطَلَعَ الْأَعْدَاءُ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مَدْحًا إِذَا أَرَادَ كَادَ وَلَمْ يُرِدْ يَفْعَلُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ ، قَالَ : وَانْتَهَى الْخَبَرُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَكَادُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أَكَادُ أَنْ آتِيَ بِهَا ، قَالَ : ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : وَلَكِنِّي أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ، قَالَ : وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ
ابْنِ ضَابِي :
هَمَمْتُ وَلَمْ أفْعَلْ وكِدْتُ ولَيْتَنِي تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي أَقَارِبُهُ
فَقَالَ : كِدْتُ ، وَمَعْنَاهُ : كِدْتُ أَفْعَلُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ( أُخْفِيهَا ) أُظْهِرُهَا ، وَقَالُوا : الْإِخْفَاءُ وَالْإِسْرَارُ قَدْ تُوَجِّهُهُمَا الْعَرَبُ إِلَى مَعْنَى الْإِظْهَارِ ، وَاسْتَشْهَدَ بَعْضُهُمْ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِبَيْتِ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ :
[ ص: 291 ] فَلَمَّا رَأَى الْحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَهُ أَسَرَّ الْحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرَا
وَقَالَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : أَسَرَّ : أَظْهَرَ . قَالَ : وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=54وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ ) وَأَظْهَرُوهَا ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ) . وَقَالَ جَمِيعُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلَهُمْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي ، أَنْ يَكُونَ أَرَادَ : أُخْفِيهَا مِنْ قِبَلِي وَمِنْ عِنْدِي ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَمَّنْ ذَكَرْنَا تَوْجِيهٌ مِنْهُمْ لِلْكَلَامِ إِلَى غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَعْرُوفِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ تَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى غَيْرِ الْأَغْلَبِ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهِهِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ ، فَفِي ذَلِكَ مَعَ خِلَافِهِمْ تَأْوِيلَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى خَطَأِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِيهِ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=30531_28991لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ : يَقُولُ : لِتُثَابَ كُلُّ نَفْسٍ امْتَحَنَهَا رَبُّهَا بِالْعِبَادَةِ فِي الدُّنْيَا بِمَا تَسْعَى ، يَقُولُ : بِمَا تَعْمَلُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَلَا يَرُدَّنَّكَ يَا
مُوسَى عَنِ التَّأَهُّبِ لِلسَّاعَةِ ، مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا ، يَعْنِي : مَنْ لَا يُقِرُّ بِقِيَامِ السَّاعَةِ ، وَلَا يُصَدِّقُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ ، وَلَا يَرْجُو ثَوَابًا ، وَلَا يَخَافُ عِقَابًا . وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) يَقُولُ : اتَّبَعَ هَوَى نَفْسِهِ ، وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ ( فَتَرْدَى ) يَقُولُ : فَتَهْلَكُ إِنْ أَنْتَ انْصَدَدْتَ عَنِ التَّأَهُّبِ لِلسَّاعَةِ ، وَعَنِ الْإِيمَانِ بِهَا ، وَبِأَنَّ اللَّهَ بَاعِثُ الْخَلْقِ لِقِيَامِهَا مِنْ قُبُورِهِمْ بَعْدَ فَنَائِهِمْ بِصَدِّ مَنْ كَفَرَ بِهَا ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَزْعُمُ أَنَّ الْهَاءَ وَالْأَلِفَ مِنْ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=16فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا ) كِنَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْإِيمَانِ ، قَالَ : وَإِنَّمَا قِيلَ عَنْهَا وَهِيَ كِنَايَةٌ
[ ص: 292 ] عَنِ الْإِيمَانِ كَمَا قِيلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=153إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) يَذْهَبُ إِلَى الْفِعْلَةِ ، وَلَمْ يَجْرِ لِلْإِيمَانِ ذِكْرٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَيَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِهِ ، وَإِنَّمَا جَرَى ذِكْرُ السَّاعَةِ ، فَهُوَ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ ذِكْرِهَا أَوْلَى .