[ ص: 347 ] القول في ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ( 81 ) تأويل قوله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ( 82 ) )
يقول تعالى ذكره : ومن يجب عليه غضبي ، فينزل به ، فقد هوى ، يقول فقد تردى فشقي . كما حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( فقد هوى ) يقول : فقد شقي .
وقوله ( وإني لغفار لمن تاب ) يقول : وإني لذو غفر لمن تاب من شركه ، فرجع منه إلى الإيمان لي ( وآمن ) يقول : وأخلص لي الألوهة ، ولم يشرك في عبادته إياي غيري . ( وعمل صالحا ) يقول : وأدى فرائضي التي افترضتها عليه ، واجتنب معاصي ( ثم اهتدى ) يقول : ثم لزم ذلك فاستقام ولم يضيع شيئا منه .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( وإني لغفار لمن تاب ) من الشرك ( وآمن ) يقول : وحد الله ( وعمل صالحا ) يقول : أدى فرائضي .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وإني لغفار لمن تاب ) من ذنبه ( وآمن ) به ( وعمل صالحا ) فيما بينه وبين الله .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن عن أبي جعفر الرازي الربيع ( وإني لغفار لمن تاب ) من الشرك ( وآمن ) يقول : وأخلص لله ، وعمل في إخلاصه .
واختلفوا في معنى قوله ( ثم اهتدى ) فقال بعضهم : معناه : لم يشكك في إيمانه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا عبد الله قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( ثم اهتدى ) يقول : لم يشكك . [ ص: 348 ] وقال آخرون : معنى ذلك : ثم لزم الإيمان والعمل الصالح .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة ( ثم اهتدى ) يقول : ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم استقام .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن عن أبي جعفر الرازي الربيع بن أنس ( ثم اهتدى ) قال : أخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : بل معناه : أصاب العمل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وعمل صالحا ثم اهتدى ) قال : أصاب العمل .
وقال آخرون : معنى ذلك : عرف أمر مثيبه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام عن عنبسة عن الكلبي ( وإني لغفار لمن تاب ) من الذنب ( وآمن ) من الشرك ( وعمل صالحا ) أدى ما افترضت عليه ( ثم اهتدى ) عرف مثيبه إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
وقال آخرون بما حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال : أخبرنا عمر بن شاكر قال : سمعت يقول في قوله ( ثابتا البناني وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) قال : إلى ولاية أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو جعفر : إنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذلك ، من أجل أن الاهتداء هو الاستقامة على هدى ، ولا معنى للاستقامة عليه إلا وقد جمعه الإيمان والعمل الصالح والتوبة ، فمن فعل ذلك وثبت عليه فلا شك في اهتدائه .