القول في تأويل قوله تعالى : ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا    ( 89 ) ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري   ( 90 ) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى   ( 91 ) ) 
يقول تعالى ذكره موبخا عبدة العجل ، والقائلين له ( هذا إلهكم وإله موسى فنسي   ) وعابهم بذلك ، وسفه أحلامهم بما فعلوا ونالوا منه : أفلا يرون أن العجل الذي  [ ص: 358 ] زعموا أنه إلههم وإله موسى  لا يكلمهم ، وإن كلموه لم يرد عليهم جوابا ، ولا يقدر على ضر ولا نفع ، فكيف يكون ما كانت هذه صفته إلها ؟ كما حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم   . قال : ثنا عيسى   " ح " وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا عن ابن أبي نجيح  عن مجاهد   ( ألا يرجع إليهم قولا   ) العجل . 
حدثنا القاسم  قال : ثنا الحسين  قال : ثني حجاج  عن  ابن جريج  عن مجاهد   ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا   ) قال : العجل  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  عن قتادة  قال الله ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم   ) ذلك العجل الذي اتخذوه ( قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا   ) . 
وقوله ( ولقد قال لهم هارون من قبل   ) يقول : لقد قال لعبدة العجل من بني إسرائيل  هارون  من قبل رجوع موسى  إليهم ، وقيله لهم ما قال مما أخبر الله عنه ( إنما فتنتم به   ) يقول : إنما اختبر الله إيمانكم ومحافظتكم على دينكم بهذا العجل الذي أحدث فيه الخوار ، ليعلم به الصحيح الإيمان منكم من المريض القلب الشاك في دينه . 
كما حدثني موسى  قال : ثنا عمرو  قال : ثنا أسباط  عن  السدي  قال لهم هارون   : ( إنما فتنتم به   ) يقول : إنما ابتليتم به ، يقول : بالعجل . 
وقوله ( وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري   ) يقول : وإن ربكم الرحمن الذي يعم جميع الخلق نعمه ، فاتبعوني على ما آمركم به من عبادة الله ، وترك عبادة العجل ، وأطيعوا أمري فيما آمركم به من طاعة الله ، وإخلاص العبادة له ، وقوله ( قالوا لن نبرح عليه عاكفين   ) يقول : قال عبدة العجل من قوم موسى   : لن نزال على العجل مقيمين نعبده حتى يرجع إلينا موسى   . 
				
						
						
