القول في تأويل قوله تعالى : ( لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون    ( 3 ) ) 
يقول تعالى ذكره ( لاهية قلوبهم   ) غافلة : يقول : ما يستمع هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم هذا القرآن إلا وهم يلعبون غافلة عنه قلوبهم ، لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فيما أودعه الله من الحجج عليهم . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  عن قتادة  قوله ( لاهية قلوبهم   ) يقول : غافلة قلوبهم  . 
وقوله ( وأسروا النجوى الذين ظلموا   ) يقول : وأسر هؤلاء الناس الذين اقتربت الساعة منهم وهم في غفلة معرضون لاهية قلوبهم ، النجوى بينهم ، يقول : وأظهروا المناجاة بينهم فقالوا : هل هذا الذي يزعم أنه رسول من الله أرسله إليكم ، إلا بشر مثلكم : يقولون : هل هو إلا إنسان مثلكم في صوركم وخلقكم ؟ يعنون بذلك محمدا  صلى الله عليه وسلم ، وقال الذين ظلموا فوصفهم بالظلم بفعلهم وقيلهم الذي أخبر به عنهم في هذه الآيات إنهم يفعلون ويقولون من الإعراض عن ذكر الله ، والتكذيب برسوله وللذين من قوله ( وأسروا النجوى الذين ظلموا   ) في الإعراب وجهان : الخفض على أنه تابع للناس في قوله ( اقترب للناس حسابهم   ) والرفع على الرد على الأسماء الذين في قوله ( وأسروا النجوى   ) من ذكر الناس ، كما قيل : ( ثم عموا وصموا كثير منهم   ) وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء ، ويكون معناه : وأسروا النجوى ، ثم قال : هم الذين ظلموا . 
وقوله ( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون   ) يقول : وأظهروا هذا القول بينهم ، وهي النجوى التي أسروها بينهم ، فقال بعضهم لبعض : أتقبلون السحر وتصدقون به وأنتم تعلمون أنه سحر ؟ يعنون بذلك القرآن .  [ ص: 411 ] كما حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( أفتأتون السحر وأنتم تبصرون   ) قال : قال أهل الكفر لنبيهم لما جاء به من عند الله ، زعموا أنه ساحر ، وأن ما جاء به سحر ، قالوا : أتأتون السحر وأنتم تبصرون ؟ 
				
						
						
