القول في وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ( 31 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره : أو لم ير هؤلاء الكفار أيضا من حججنا عليهم وعلى جميع خلقنا أنا جعلنا في الأرض جبالا راسية ؟ والرواسي جمع راسية ، وهي الثابتة .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وجعلنا في الأرض رواسي ) أي جبالا .
[ ص: 435 ] وقوله ( أن تميد بهم ) يقول : أن لا تتكفأ بهم ، يقول جل ثناؤه : فجعلنا في هذه الأرض هذه الرواسي من الجبال ، فثبتناها لئلا تتكفأ بالناس ، وليقدروا بالثبات على ظهرها .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قال : كانوا على الأرض تمور بهم لا تستقر ، فأصبحوا وقد جعل الله الجبال وهي الرواسي أوتادا للأرض ، وجعلنا فيها فجاجا سبلا يعني مسالك ، واحدها فج .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( وجعلنا فيها فجاجا ) أي أعلاما . وقوله ( سبلا ) أي طرقا ، وهي جمع السبيل .
وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقول : إنما عنى بقوله ( وجعلنا فيها فجاجا ) وجعلنا في الرواسي ، فالهاء والألف في قوله ( وجعلنا فيها ) من ذكر الرواسي .
حدثنا بذلك القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن قال : قال ابن جريج ابن عباس قوله ( وجعلنا فيها فجاجا ) سبلا قال : بين الجبال .
وإنما اخترنا القول الآخر في ذلك وجعلنا الهاء والألف من ذكر الأرض ، لأنها إذا كانت من ذكرها داخل في ذلك السهل والجبل; وذلك أن ذلك كله من الأرض ، وقد جعل الله لخلقه في ذلك كله فجاجا سبلا ولا دلالة تدل على أنه عنى بذلك فجاج بعض الأرض التي جعلها لهم سبلا دون بعض ، فالعموم بها أولى .
وقوله ( لعلهم يهتدون ) يقول تعالى ذكره : جعلنا هذه الفجاج في الأرض ليهتدوا إلى السير فيها .