وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( سقفا محفوظا ) قال : مرفوعا .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن عن ابن جريج مجاهد مثله .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) . . . الآية : سقفا مرفوعا ، وموجا مكفوفا .
وقوله : ( وهم عن آياتها معرضون ) يقول : وهؤلاء المشركون عن آيات السماء . ويعني بآياتها شمسها وقمرها ونجومها . ( معرضون ) يقول : يعرضون عن التفكر فيها وتدبر ما فيها من حجج الله عليهم ، ودلالتها على وحدانية خالقها ، وأنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا لمن دبرها وسواها ، ولا تصلح إلا له .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( وهم عن آياتها معرضون ) قال : الشمس والقمر والنجوم آيات السماء .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن عن ابن جريج مجاهد مثله .
وقوله : ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) يقول تعالى ذكره : والله الذي ، وأن الألوهة له دون كل ما سواه فهما يختلفان عليكم لصلاح معايشكم وأمور دنياكم وآخرتكم ، وخلق الشمس والقمر أيضا ، ( خلق لكم أيها الناس الليل والنهار ، نعمة منه عليكم وحجة ، ودلالة عظيم سلطانه كل في فلك يسبحون ) يقول : كل ذلك في فلك [ ص: 437 ] يسبحون .
واختلف أهل التأويل في معنى الفلك الذي ذكره الله في هذه الآية ، فقال بعضهم : هو كهيئة حديدة الرحى .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : ( كل في فلك يسبحون ) قال : فلك كهيئة حديدة الرحى .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج قال : قال : ( ابن جريج كل في فلك ) قال : فلك كهيئة حديدة الرحى .
حدثنا ابن حميد قال : ثني جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس : ( كل في فلك يسبحون ) قال : فلك السماء .
وقال آخرون : بل الفلك الذي ذكره الله في هذا الموضع سرعة جري الشمس والقمر والنجوم وغيرها .
ذكر من قال ذلك : حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( كل في فلك يسبحون ) الفلك : الجري والسرعة .
وقال آخرون : الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه .
وقال آخرون : بل هو القطب الذي تدور به النجوم ، واستشهد قائل هذا القول لقوله هذا بقول الراجز :
باتت تناجي الفلك الدوارا حتى الصباح تعمل الأقتارا
وقال آخرون في ذلك ، ما حدثنا به بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا [ ص: 438 ] سعيد عن قتادة قوله : ( كل في فلك يسبحون ) : أي في فلك السماء .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( كل في فلك يسبحون ) قال : يجري في فلك السماء كما رأيت .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( كل في فلك يسبحون ) قال : الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر ، وقرأ : ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ) وقال : تلك البروج بين السماء والأرض وليست في الأرض ( كل في فلك يسبحون ) قال : فيما بين السماء والأرض النجوم والشمس والقمر .
وذكر عن الحسن أنه كان يقول : الفلك طاحونة كهيئة فلكة المغزل .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : كما قال الله عز وجل : ( كل في فلك يسبحون ) وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مجاهد كحديدة الرحى ، وكما ذكر عن الحسن كطاحونة الرحى ، وجائز أن يكون موجا مكفوفا ، وأن يكون قطب السماء ، وذلك أن الفلك في كلام العرب هو كل شيء دائر ، فجمعه أفلاك ، وقد ذكرت قول الراجز :
باتت تناجي الفلك الدوارا
وإذ كان كل ما دار في كلامها ، ولم يكن في كتاب الله ، ولا في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عمن يقطع بقوله العذر دليل يدل على أي ذلك هو من أي كان الواجب أن نقول فيه ما قال ، ونسكت عما لا علم لنا به .
فإذا كان الصواب في ذلك من القول عندنا ما ذكرنا ، فتأويل الكلام : والشمس والقمر ، كل ذلك في دائر يسبحون .
وأما قوله : ( يسبحون ) فإن معناه : يجرون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( كل في فلك يسبحون ) قال : يجرون .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن عن ابن جريج مجاهد مثله .
[ ص: 439 ] حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( يسبحون ) قال : يجرون .
وقيل : ( كل في فلك يسبحون ) فأخرج الخبر عن الشمس والقمر مخرج الخبر عن بني آدم بالواو والنون ، ولم يقل : يسبحن أو تسبح ، كما قيل : ( والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) لأن السجود من أفعال بني آدم ، فلما وصفت الشمس والقمر بمثل أفعالهم ، أجرى الخبر عنهما مجرى الخبر عنهم .