القول في أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ( 43 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره : ألهؤلاء المستعجلي ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم ، إن نحن أحللنا بهم عذابنا ، وأنزلنا بهم بأسنا من دوننا ؟ ومعناه : أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم منا ، ثم وصف جل ثناؤه الآلهة بالضعف والمهانة ، وما هي به من صفتها ، فقال وكيف تستطيع آلهتهم التي يدعونها من دوننا أن تمنعهم منا وهي لا تستطيع نصر أنفسها ، وقوله : ( ولا هم منا يصحبون ) اختلف أهل التأويل في المعني بذلك ، وفي معنى يصحبون ، فقال بعضهم : عنى بذلك الآلهة ، وأنها لا تصحب من الله بخير .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ) يعني الآلهة ( ولا هم منا يصحبون ) يقول : لا يصحبون من الله بخير .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا هم منا ينصرون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا أبو ثور عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( ولا هم منا يصحبون ) قال : لا ينصرون . [ ص: 448 ] حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج عن قال : قال ابن جريج ابن عباس قوله ( أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ) إلى قوله : ( يصحبون ) قال : ينصرون ، قال : قال مجاهد : ولا هم يحفظون .
حدثنا علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( ولا هم منا يصحبون ) يجارون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ولا هم منا يصحبون ) يقول : ولا هم منا يجارون ، وهو قوله ( وهو يجير ولا يجار عليه ) يعني الصاحب ، وهو الإنسان يكون له خفير مما يخاف ، فهو قوله يصحبون .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : هذا القول الذي حكيناه عن ابن عباس وأن ( هم ) من قوله ( ولا هم ) من ذكر الكفار ، وأن قوله ( يصحبون ) بمعنى : يجارون يصحبون بالجوار; لأن العرب محكي عنها أنا لك جار من فلان وصاحب ، بمعنى : أجيرك وأمنعك ، وهم إذا لم يصحبوا بالجوار ، ولم يكن لهم مانع من عذاب الله مع سخط الله عليهم ، فلم يصحبوا بخير ولم ينصروا .