[ ص: 594 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار  يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد   ( 23 ) وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد   ( 24 ) ) 
يقول تعالى ذكره : وأما الذين آمنوا بالله ورسوله فأطاعوهما بما أمرهم الله به من صالح الأعمال ، فإن الله يدخلهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ، فيحليهم فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا . 
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( ولؤلؤا ) فقرأته عامة قراء أهل المدينة  وبعض أهل الكوفة نصبا مع التي في الملائكة ، بمعنى : يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا ، عطفا باللؤلؤ على موضع الأساور ، لأن الأساور وإن كانت مخفوضة من أجل دخول من فيها ، فإنها بمعنى النصب ، قالوا : وهي تعد في خط المصحف بالألف ، فذلك دليل على صحة القراءة بالنصب فيه . وقرأت ذلك عامة قراء العراق والمصرين : ( ولؤلؤ ) خفضا عطفا على إعراب الأساور الظاهر . 
واختلف الذي قرءوا ذلك في وجه إثبات الألف فيه ، فكان أبو عمرو بن العلاء  فيما ذكر لي عنه يقول : أثبتت فيه كما أثبتت في قالوا : و كالوا . وكان الكسائي  يقول : أثبتوها فيه للهمزة ، لأن الهمزة حرف من الحروف . 
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء ، متفقتا المعنى ، صحيحتا المخرج في العربية ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . 
وقوله : ( ولباسهم فيها حرير   ) يقول : ولبوسهم التي تلي أبشارهم فيها ثياب حرير . قوله : ( وهدوا إلى الطيب من القول   ) يقول تعالى ذكره : وهداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله . 
كما حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : ابن زيد  في قوله : ( وهدوا إلى الطيب من القول   ) قال : هدوا إلى الكلام الطيب : لا إله  [ ص: 595 ] إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ; قال الله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه   ) . 
حدثنا علي  قال : ثنا عبد الله  قال : ثني معاوية  عن علي  عن ابن عباس   : ( وهدوا إلى الطيب من القول   ) قال : ألهموا . وقوله : ( وهدوا إلى صراط الحميد   ) يقول جل ثناؤه : وهداهم ربهم في الدنيا إلى طريق الرب الحميد ، وطريقه : دينه دين الإسلام الذي شرعه لخلقه وأمرهم أن يسلكوه; والحميد : فعيل ، صرف من مفعول إليه ، ومعناه : أنه محمود عند أوليائه من خلقه ، ثم صرف من محمود إلى حميد . 
				
						
						
