[ ص: 254 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ( 21 ) )
يقول تعالى ذكره : وقال المشركون الذين لا يخافون لقاءنا ، ولا يخشون عقابنا ، هلا أنزل الله علينا ملائكة ، فتخبرنا أن محمدا محق فيما يقول ، وأن ما جاءنا به صدق ، أو نرى ربنا فيخبرنا بذلك ، كما قال جل ثناؤه مخبرا عنهم : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) ثم قال بعد : ( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) يقول الله : لقد استكبر قائلو هذه المقالة في أنفسهم ، وتعظموا ، ( وعتوا عتوا كبيرا ) يقول : وتجاوزوا في الاستكبار بقيلهم ذلك حده .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال كفار ابن جريج ، قريش : ( لولا أنزل علينا الملائكة ) فيخبرونا أن محمدا رسول الله ( لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا ) لأن " عتا " من ذوات الواو ، فأخرج مصدره على الأصل بالواو ، وقيل في سورة مريم ( وقد بلغت من الكبر عتيا ) وإنما قيل ذلك كذلك لموافقة المصادر في هذا الوجه جمع الأسماء كقولهم : قعد قعودا ، وهم قوم قعود ، فلما كان ذلك كذلك ، وكان العاتي يجمع عتيا بناء على الواحد ، جعل مصدره أحيانا موافقا لجمعه ، وأحيانا مردودا إلى أصله .