القول في وأزلفت الجنة للمتقين ( 90 ) تأويل قوله تعالى : ( وبرزت الجحيم للغاوين ( 91 ) وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون ( 92 ) من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون ( 93 ) فكبكبوا فيها هم والغاوون ( 94 ) وجنود إبليس أجمعون ( 95 ) )
يعني جل ثناؤه بقوله : ( وأزلفت الجنة للمتقين ) وأدنيت الجنة وقربت للمتقين ، الذين اتقوا عقاب الله في الآخرة بطاعتهم إياه في الدنيا ( وبرزت الجحيم للغاوين ) يقول : [ ص: 367 ] وأظهرت النار للذين غووا فضلوا عن سواء السبيل . ( وقيل للغاوين أين ما كنتم تعبدون من دون الله ) من الأنداد ( هل ينصرونكم ) اليوم من الله ، فينقذونكم من عذابه ( أو ينتصرون ) لأنفسهم ، فينجونها مما يراد بها ؟ .
وقوله : ( فكبكبوا فيها هم والغاوون ) يقول : فرمي ببعضهم في الجحيم على بعض ، وطرح بعضهم على بعض ، منكبين على وجوههم . وأصل كبكبوا : كببوا ، ولكن الكاف كررت كما قيل : ( بريح صرصر ) يعني : به صر ، ونهنهني ينهنهني ، يعني به : نههني .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال . ثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد ، قوله : ( فكبكبوا ) قال : فدهوروا .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( فكبكبوا فيها ) يقول : فجمعوا فيها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فكبكبوا فيها ) قال : طرحوا فيها . فتأويل الكلام : فكبكب هؤلاء الأنداد التي كانت تعبد من دون الله في الجحيم والغاوون .
وذكر عن قتادة أنه كان يقول : الغاوون في هذا الموضع . الشياطين .
ذكر الرواية عمن قال ذلك :
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( فكبكبوا فيها هم والغاوون ) قال : الغاوون : الشياطين .
فتأويل الكلام على هذا القول الذي ذكرنا عن قتادة . فكبكب فيها الكفار الذين كانوا يعبدون من دون الله الأصنام والشياطين .
وقوله : ( وجنود إبليس أجمعون ) يقول : وكبكب فيها مع الأنداد والغاوين جنود إبليس أجمعون . وجنوده : كل من كان من تباعه ، من ذريته كان أو من ذرية آدم .