القول في تأويل قوله تعالى : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين    ( 43 ) ) 
يقول تعالى ذكره : ومنع هذه المرأة صاحبة سبأ   ( ما كانت تعبد من دون الله   ) ، وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 472 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  ، قال : ثنا أبو عاصم  ، قال : ثنا عيسى   ; وحدثني الحارث  ، قال : ثنا الحسن  ، قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله   ) قال : كفرها بقضاء الله ، وعبادة الوثن صدها أن تهتدي للحق . 
حدثنا القاسم  ، قال : ثنا الحسين  ، قال : ثني حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن مجاهد   : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله   ) قال : كفرها بقضاء الله ، صدها أن تهتدي للحق  . ولو قيل : معنى ذلك : وصدها سليمان  ما كانت تعبد من دون الله ، بمعنى : منعها وحال بينها وبينه ، كان وجها حسنا . ولو قيل أيضا : وصدها الله ذلك بتوفيقها للإسلام ، كان أيضا وجها صحيحا . 
وقوله : ( إنها كانت من قوم كافرين   ) يقول : إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين . وكسرت الألف من قوله " إنها " على الابتداء . ومن تأول قوله : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله   ) التأويل الذي تأولنا ، كانت " ما " من قوله ( ما كانت تعبد   ) في موضع رفع بالصد ، لأن المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها ، وأنها لا تعقل ، إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر ، وكان ذلك من دين قومها وآبائها ، فاتبعت فيه آثارهم . ومن تأوله على الوجهين الآخرين كانت " ما " في موضع نصب . 
				
						
						
