[ ص: 495 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 79 ) إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ( 80 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ففوض إلى الله يا محمد أمورك ، وثق به فيها ، فإنه كافيك . ( إنك على الحق المبين ) لمن تأمله ، وفكر ما فيه بعقل ، وتدبره بفهم ، أنه الحق ، دون ما عليه اليهود والنصارى ، المختلفون من بني إسرائيل ، ودون ما عليه أهل الأوثان ، المكذبوك فيما أتيتهم به من الحق ، يقول : فلا يحزنك تكذيب من كذبك ، وخلاف من خالفك ، وامض لأمر ربك الذي بعثك به .
وقوله : ( إنك لا تسمع الموتى ) يقول : إنك يا محمد لا تقدر أن تفهم الحق من طبع الله على قلبه فأماته ، لأن الله قد ختم عليه أن لا يفهمه ( ولا تسمع الصم الدعاء ) يقول : ولا تقدر أن تسمع ذلك من أصم الله عن سماعه سمعه ( إذا ولوا مدبرين ) يقول : إذا هم أدبروا معرضين عنه ، لا يسمعون له لغلبة دين الكفر على قلوبهم ، ولا يصغون للحق ، ولا يتدبرونه ، ولا ينصتون لقائله ، ولكنهم يعرضون عنه ، وينكرون القول به ، والاستماع له .