القول في تأويل قوله تعالى : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين    ( 25 ) ) 
يقول تعالى ذكره : فجاءت موسى  إحدى المرأتين اللتين سقى لهما تمشي على استحياء من موسى  ، قد سترت وجهها بثوبها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا أبو السائب  والفضل بن الصباح ،  قالا ثنا ابن فضيل  ، عن ضرار بن عبد الله بن أبي الهذيل  ، عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، في قوله : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : مستترة بكم درعها ، أو بكم قميصها  . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا أبو أسامة ،  عن حماد بن عمرو الأسدي  ، عن أبي سنان ،  عن ابن أبي الهذيل  عن عمر  رضي الله عنه ، قال : واضعة يدها على وجهها مستترة . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن  ، قال : ثنا سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن نوف   : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : قد سترت وجهها بيديها  . 
قال : ثنا يحيى  ، عن سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن نوف ،  بنحوه . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا أبي ، عن سفيان  ، عن أبي إسحاق  ، عن نوف   ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : قائلة بيديها على وجهها ، ووضع  [ ص: 559 ] أبي  يده على وجهه  . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن  ، قال : ثنا إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو بن ميمون   ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة ، واضعة ثوبها على وجهها ، تقول : ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   )  . 
حدثنا ابن وكيع  ، قال : ثنا أبي ، عن إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو بن ميمون  ، عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : لم تكن سلفعا من النساء خراجة ولاجة ، قائلة بيدها على وجهها ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   ) . 
حدثنا ابن بشار ،  قال : ثنا عبد الرحمن  ، قال : ثنا سفيان  ، قال : ثنا قرة بن خالد  ، قال : سمعت الحسن  يقول ، في قوله : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : بعيدة من البذاء  . 
حدثنا موسى  ، قال : ثنا عمرو  ، قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي   ( تمشي على استحياء   ) قال : أتته تمشي على استحياء منه  . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق   ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء   ) قال : واضعة يدها على جبينها  . 
وقوله : ( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   ) يقول تعالى ذكره : قالت المرأة التي جاءت موسى  تمشي على استحياء : إن أبي يدعوك ليجزيك : تقول : يثيبك أجر ما سقيت لنا . 
وقوله : ( فلما جاءه وقص عليه القصص   ) يقول : فمضى موسى  معها إلى أبيها ، فلما جاء أباها وقص عليه قصصه مع فرعون  وقومه من القبط  ، قال له أبوها : ( لا تخف ) فقد ( نجوت من القوم الظالمين   ) يعني : من فرعون  وقومه ، لأنه لا سلطان له بأرضنا التي أنت بها . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني العباس  ، قال : أخبرنا يزيد  ، قال : ثنا الأصبغ  ، قال : ثنا القاسم  ،  [ ص: 560 ] قال : ثنا سعيد بن جبير  عن ابن عباس  ، قال : استنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا ، فقال : إن لكما اليوم لشأنا . 
قال أبو جعفر   : أحسبه قال : فأخبرتاه الخبر ; فلما أتاه موسى  كلمه ، ( قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين   ) ليس لفرعون  ولا لقومه علينا سلطان ، ولسنا في مملكته . 
حدثنا موسى  ، قال : ثنا عمرو  ، قال : ثنا أسباط  ، عن  السدي ،  قال : لما رجعت الجاريتان إلى أبيهما سريعا سألهما ، فأخبرتاه خبر موسى  ، فأرسل إليه إحداهما ، فأتته تمشي على استحياء ، وهي تستحي منه ( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   ) فقام معها ، وقال لها : امضي ، فمشت بين يديه ، فضربتها الريح ، فنظر إلى عجيزتها ، فقال لها موسى   : امشي خلفي ، ودليني على الطريق إن أخطأت . فلما جاء الشيخ وقص عليه القصص ( قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين   )  . 
حدثنا بشر  ، قال : ثنا يزيد  ، قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة   ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   ) قال : قال مطرف   : أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما تتبع مذقيهما ولكن إنما حمله على ذلك الجهد ( فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين   ) . 
حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق  ، قال : رجعتا إلى أبيهما في ساعة كانتا لا ترجعان فيها ، فأنكر شأنهما ، فسألهما فأخبرتاه الخبر ، فقال لإحداهما : عجلي علي به ، فأتته على استحياء فجاءته ، فقالت : ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا   ) فقام معها كما ذكر لي ، فقال لها : امشي خلفي ، وانعتي لي الطريق ، وأنا أمشي أمامك ، فإنا لا ننظر إلى أدبار النساء ; فلما جاءه أخبره الخبر ، وما أخرجه من بلاده ( فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين   ) وقد أخبرت أباها بقوله : إنا لا ننظر إلى أدبار النساء  . 
				
						
						
