القول في تأويل قوله تعالى : ( قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين  على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين   ( 27 ) )  [ ص: 565 ] 
يقول تعالى ذكره : ( قال ) أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى  لموسى   : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج   ) يعني بقوله : ( على أن تأجرني   ) : على أن تثيبني من تزويجها رعي ماشيتي ثماني حجج ، من قول الناس : آجرك الله فهو يأجرك ، بمعنى : أثابك الله ; والعرب  تقول : أجرت الأجير أجره ، بمعنى : أعطيته ذلك ، كما يقال : أخذته فأنا آخذه . وحكى بعض أهل العربية من أهل البصرة  أن لغة العرب   : أجرت غلامي فهو مأجور ، وآجرته فهو مؤجر ، يريد : أفعلته . 
قال : وقال بعضهم : آجره فهو مؤاجر ، أراد فاعلته ; وكأن أباها عندي جعل صداق ابنته التي زوجها موسى  رعي موسى  عليه ماشيته ثماني حجج ، والحجج : السنون . 
وقوله : ( فإن أتممت عشرا فمن عندك   ) يقول : فإن أتممت الثماني الحجج عشرا التي شرطتها عليك بإنكاحي إياك إحدى ابنتي ، فجعلتها عشر حجج ، فإحسان من عندك ، وليس مما اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي ( وما أريد أن أشق عليك   ) باشتراط الثماني الحجج عشرا عليك ( ستجدني إن شاء الله من الصالحين   ) في الوفاء بما قلت لك . 
كما حدثنا ابن حميد ،  قال : ثنا سلمة  ، عن ابن إسحاق   : ( ستجدني إن شاء الله من الصالحين   ) أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت  . 
				
						
						
