[ ص: 163 ] [ ص: 164 ] [ ص: 165 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : ( الم ( 1 ) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ( 2 ) أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ( 3 ) )
قال أبو جعفر : قد مضى البيان عن تأويل قوله : ( الم ) بما فيه الكفاية . وقوله : ( تنزيل الكتاب لا ريب فيه ) يقول - تعالى ذكره - : تنزيل الكتاب الذي نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، لا شك فيه ( من رب العالمين ) : يقول : من رب الثقلين : الجن والإنس .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه ) لا شك فيه . وإنما معنى الكلام : أن هذا القرآن الذي أنزل على محمد لا شك فيه أنه من عند الله ، وليس بشعر ولا سجع كاهن ، ولا هو مما تخرصه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما كذب جل ثناؤه بذلك قول الذين : ( قالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) وقول الذين قالوا : ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) .
وقوله : ( أم يقولون افتراه ) يقول - تعالى ذكره - : يقول المشركون بالله : اختلق هذا الكتاب محمد من قبل نفسه ، وتكذبه ، و ( أم ) هذه تقرير ، وقد بينا في غير موضع من كتابنا ، أن العرب إذا اعترضت بالاستفهام في أضعاف كلام قد تقدم بعضه أنه يستفهم بأم . وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك : ويقولون . وقال : أم بمعنى الواو ، بمعنى بل في مثل هذا الموضع ، ثم أكذبهم - تعالى ذكره - فقال : ما هو كما تزعمون وتقولون من أن محمدا افتراه ، بل هو الحق والصدق من عند ربك يا محمد ، أنزله إليك ؛ لتنذر قوما بأس الله وسطوته ، أن يحل بهم على كفرهم به ( ما أتاهم من نذير من قبلك ) يقول : لم يأت هؤلاء القوم الذين أرسلك ربك يا محمد إليهم ، وهم قومه من قريش ، نذير ينذرهم [ ص: 166 ] بأس الله على كفرهم قبلك . وقوله : ( لعلهم يهتدون ) يقول : ليتبينوا سبيل الحق فيعرفوه ويؤمنوا به .
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ) قال : كانوا أمة أمية ، لم يأتهم نذير قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - .