القول في تأويل قوله تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ( 10 ) )
اختلف أهل التأويل في من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) فقال بعضهم : معنى ذلك : من كان يريد العزة بعبادة الآلهة والأوثان فإن العزة لله جميعا . معنى قوله (
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( من كان يريد العزة ) يقول : من كان يريد العزة بعبادته [ ص: 444 ] الآلهة ( فإن العزة لله جميعا ) .
وقال آخرون : معنى ذلك من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) يقول : فليتعزز بطاعة الله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : من كان يريد علم العزة لمن هي ، فإنه لله جميعا كلها أي : كل وجه من العزة فلله .
والذي هو أولى الأقوال بالصواب عندي قول من قال : من كان يريد العزة فبالله فليتعزز ، فلله العزة جميعا ، دون كل ما دونه من الآلهة والأوثان .
وإنما قلت : ذلك أولى بالصواب لأن الآيات التي قبل هذه الآية ، جرت بتقريع الله المشركين على عبادتهم الأوثان ، وتوبيخه إياهم ، ووعيده لهم عليها ، فأولى بهذه أيضا أن تكون من جنس الحث على فراق ذلك ، فكانت قصتها شبيهة بقصتها ، وكانت في سياقها .
وقوله ( إليه يصعد الكلم الطيب ) يقول - تعالى ذكره - : إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه ( والعمل الصالح يرفعه ) يقول : ويرفع إليه عمله الصالح ، وهو العمل بطاعته ، وأداء فرائضه ، والانتهاء إلى ما أمر به . ذكر العبد ربه
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي قال : أخبرني عن جعفر بن عون ، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عبد الله بن المخارق ، عن أبيه المخارق بن سليم قال : قال لنا عبد الله : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله ، إن العبد المسلم إذا قال : سبحان الله وبحمده ، الحمد لله لا إله إلا الله ، [ ص: 445 ] والله أكبر ، تبارك الله ، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحيه ، ثم صعد بهن إلى السماء ، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيي بهن وجه الرحمن ، ثم قرأ عبد الله ( والعمل الصالح يرفعه ) .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا قال : أخبرنا ابن علية سعيد الجريري ، عن عبد الله بن شقيق قال : قال كعب : إن لسبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لدويا حول العرش كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ، والعمل الصالح في الخزائن .
حدثني يونس قال : ثنا سفيان عن ليث بن أبي سليم ، عن شهر بن حوشب الأشعري إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) قال : العمل الصالح يرفع الكلم الطيب . قوله (
حدثني علي ، ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) قال : الكلام الطيب : ذكر الله ، والعمل الصالح : أداء فرائضه ، فمن حمل عليه ذكر الله فصعد به إلى الله ، ومن ذكر الله ، ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به . ذكر الله سبحانه في أداء فرائضه
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) قال : قال الحسن ، وقتادة : لا يقبل الله قولا إلا بعمل ، من قال وأحسن العمل قبل الله منه .
وقوله ( والذين يمكرون السيئات ) يقول - تعالى ذكره - : والذين يكسبون [ ص: 446 ] السيئات لهم عذاب جهنم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثني سعيد ، عن قتادة قوله ( والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ) قال : هؤلاء أهل الشرك .
وقوله ( ومكر أولئك هو يبور ) يقول : وعمل هؤلاء المشركين يبور ، فيبطل فيذهب ; لأنه لم يكن لله ، فلم ينفع عامله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ومكر أولئك هو يبور ) أى : يفسد .
حدثني يونس قال : أخبرنا سفيان ، عن ليث بن أبي سليم ، عن ( شهر بن حوشب ومكر أولئك هو يبور ) قال : هم أصحاب الرياء .
حدثني محمد بن عمارة قال : ثنا سهل بن أبي عامر قال : ثنا جعفر الأحمر ، عن في قوله ( شهر بن حوشب ومكر أولئك هو يبور ) قال : هم أصحاب الرياء .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ومكر أولئك هو يبور ) قال : بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به ، وضرهم .