الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 12 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وما يعتدل البحران فيستويان ; أحدهما عذب فرات ، والفرات : هو أعذب العذب ، وهذا ملح أجاج يقول : والآخر منهما ملح أجاج وذلك هو ماء البحر الأخضر ، والأجاج : المر وهو أشد المياه ملوحة .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وهذا ملح أجاج ) والأجاج : المر .

وقوله ( ومن كل تأكلون لحما طريا ) يقول : ومن كل البحار تأكلون لحما طريا ، وذلك السمك من عذبهما الفرات وملحهما الأجاج ( وتستخرجون حلية تلبسونها ) يعني : الدر والمرجان تستخرجونها من الملح الأجاج ، وقد بينا قبل وجه ( تستخرجون حلية ) وإنما يستخرج من الملح ، فيما مضى بما أغنى عن إعادته . ( وترى الفلك فيه مواخر ) يقول - تعالى ذكره - : وترى السفن في كل تلك البحار مواخر تمخر الماء بصدورها ، وذلك خرقها إياه إذا مرت ، واحدتها ماخرة ، يقال منه : مخرت تمخر وتمخر مخرا ، وذلك إذا شقت الماء بصدورها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل [ ص: 450 ] .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ومن كل تأكلون لحما طريا ) أي : منهما جميعا ( وتستخرجون حلية تلبسونها ) هذا اللؤلؤ ( وترى الفلك فيه مواخر ) فيه السفن مقبلة ومدبرة بريح واحدة .

حدثنا علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( وترى الفلك فيه مواخر ) يقول : جواري .

وقوله ( لتبتغوا من فضله ) يقول : لتطلبوا بركوبكم في هذه البحار في الفلك من معايشكم ، ولتتصرفوا فيها في تجاراتكم ، وتشكروا الله على تسخيره ذلك لكم ، وما رزقكم منه من طيبات الرزق وفاخر الحلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية