القول في تأويل قوله تعالى : ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ( 24 ) وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ( 25 ) ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ( 26 ) )
يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أرسلناك ) يا محمد [ ص: 460 ] ( بالحق ) وهو الإيمان بالله ، وشرائع الدين التي افترضها على عباده ( بشيرا ) يقول : مبشرا بالجنة من صدقك وقبل منك ما جئت به من عند الله من النصيحة ( ونذيرا ) تنذر الناس من كذبك ورد عليك ما جئت به من عند الله من النصيحة ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) يقول : وما من أمة من الأمم الدائنة بملة إلا خلا فيها من قبلك نذير ينذرهم بأسنا على كفرهم بالله .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) كل أمة كان لها رسول .
وقوله ( وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم ) يقول - تعالى ذكره - مسليا نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيما يلقى من مشركي قومه من التكذيب : محمد مشركو قومك فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم الذين جاءتهم رسلهم بالبينات ، يقول : بحجج من الله واضحة ، وبالزبر يقول : وجاءتهم بالكتب من عند الله . وإن يكذبك يا
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( بالبينات وبالزبر ) أي : الكتب .
وقوله ( وبالكتاب المنير ) يقول : وجاءهم من الله الكتاب المنير لمن تأمله وتدبره أنه الحق .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وبالكتاب المنير ) يضعف الشيء وهو واحد .
وقوله ( ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ) يقول - تعالى ذكره - : ثم أهلكنا الذين جحدوا رسالة رسلنا ، وحقيقة ما دعوهم إليه من آياتنا وأصروا على جحودهم ( فكيف كان نكير ) يقول : فانظر يا محمد كيف كان تغييري بهم وحلول عقوبتي بهم .