يقول - تعالى ذكره - : أمنة من الله لآل ياسين .
[ ص: 101 ] واختلفت القراء في قراءة قوله ( سلام على إل ياسين ) فقرأته عامة قراء مكة والبصرة والكوفة : ( سلام على إل ياسين ) بكسر الألف من إل ياسين ، فكان بعضهم يقول : هو اسم إلياس ، ويقول : إنه كان يسمى باسمين : إلياس ، وإلياسين مثل إبراهيم ، وإبراهام ، يستشهد على ذلك ، أن ذلك كذلك ؛ بأن جميع ما في السورة من قوله ( سلام ) فإنه سلام على النبي الذي ذكر دون آله ، فكذلك إلياسين ، إنما هو سلام على إلياس دون آله . وكان بعض أهل العربية يقول : إلياس : اسم من أسماء العبرانية ، كقولهم : إسماعيل وإسحاق ، والألف واللام منه ، ويقول : لو جعلته عربيا من الإلس ، فتجعله إفعالا مثل الإخراج ، والإدخال - أجري .
ويقول : قال : سلام على إلياسين ، فتجعله بالنون ، والعجمي من الأسماء قد تفعل به هذا العرب ، تقول : ميكال وميكائيل وميكائين ، وهي في بني أسد تقول : هذا إسماعين قد جاء ، وسائر العرب باللام قال : وأنشدني بعض بني نمير لضب صاده :
يقول رب السوق لما جينا هذا ورب البيت إسرائينا
[ ص: 102 ] قال : فهذا كقوله إلياسين قال : وإن شئت ذهبت بإلياسين إلى أن تجعله جمعا ، فتجعل أصحابه داخلين في اسمه ، كما تقول لقوم رئيسهم المهلب : قد جاءتكم المهالبة والمهلبون ، فيكون بمنزلة قولهم الأشعرين بالتخفيف ، والسعدين بالتخفيف وشبهه ، قال الشاعر :أنا ابن سعد سيد السعدينا
قال : وهو في الاثنين أن يضم أحدهما إلى صاحبه إذا كان أشهر منه اسما كقول الشاعر :
جزاني الزهدمان جزاء سوء وكنت المرء يجزى بالكرامه
جزى الله فيها الأعورين ذمامة وفروة ثفر الثورة المتضاجم
واسم أحدهما أعور .
وقرأ ذلك عامة قراء المدينة : " سلام على إل ياسين " بقطع إل من ياسين ، فكان بعضهم يتأول ذلك بمعنى : سلام على آل محمد . وذكر عن بعض القراء أنه كان يقرأ قوله " وإن الياس " بترك الهمز في إلياس ويجعل الألف واللام داخلتين على " ياس " للتعريف ، ويقول : إنما كان اسمه " ياس " ؛ أدخلت عليه ألف ولام ثم يقرأ على ذلك : " سلام على الياسين " .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه : ( سلام على إل ياسين ) بكسر ألفها على مثال إدراسين ، لأن الله - تعالى ذكره - إنما أخبر عن كل موضع ذكر فيه نبيا من أنبيائه صلوات الله عليهم في هذه السورة بأن عليه سلاما لا على آله ، فكذلك السلام في هذا الموضع ينبغي أن يكون على إلياس كسلامه على غيره من أنبيائه ، لا على آله ، على نحو ما بينا من معنى ذلك .
فإن ظن ظان أن إلياسين غير إلياس ، فإن فيما حكينا من احتجاج من احتج بأن إلياسين هو إلياس غنى عن الزيادة فيه .
مع أن فيما حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي سلام على إل ياسين ) قال : إلياس .
وفي قراءة : " سلام على إدراسين " دلالة واضحة على خطأ قول من قال : عنى بذلك سلام على آل عبد الله بن مسعود محمد ، ، وفساد قراءة من قرأ : " وإن الياس " بوصل [ ص: 104 ] النون من " إن " ب "الياس" ، وتوجيه الألف واللام فيه إلى أنهما أدخلتا تعريفا للاسم الذي هو ياس ، وذلك أن عبد الله كان يقول : إلياس هو إدريس ، ويقرأ : " وإن إدريس لمن المرسلين " ، ثم يقرأ على ذلك : " سلام على إد راسين " ، كما قرأ الآخرون : ( سلام على إل ياسين ) بقطع الآل من ياسين . ونظير تسمية إلياس بإلياسين : ( وشجرة تخرج من طور سيناء ) ثم قال في موضع آخر : ( وطور سينين ) وهو موضع واحد سمي بذلك .
وقوله ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) يقول - تعالى ذكره - : إنا هكذا نجزي أهل طاعتنا والمحسنين أعمالا وقوله ( إنه من عبادنا المؤمنين ) يقول : إن إلياس عبد من عبادنا الذين آمنوا ، فوحدونا ، وأطاعونا ، ولم يشركوا بنا شيئا .