يقول - تعالى ذكره - : ما أصاب هؤلاء المشركون القائلون ( أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) في قيلهم هذا ( بل كذبوا بالحق ) وهو القرآن ( لما جاءهم ) من الله .
كالذي حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم ) أي كذبوا بالقرآن ( فهم في أمر مريج ) يقول : فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس ، لا يعرفون حقه من باطله ، يقال قد [ ص: 330 ] مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل .
وقد اختلفت عبارات أهل التأويل في تأويلها ، وإن كانت متقاربات المعاني ، فقال بعضهم : معناها : فهم في أمر منكر وقال : المريج : هو الشيء المنكر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن خالد بن خداش قال : ثني سلم بن قتيبة ، عن وهب بن حبيب الآمدي ، عن أبي حمزة ، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله ( أمر مريج ) قال : المريج : الشيء المنكر ، أما سمعت قول الشاعر :
فجالت والتمست به حشاها فخر كأنه خوط مريج
وقال آخرون : بل معنى ذلك : في أمر مختلف .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( في أمر مريج ) يقول : مختلف .
وقال آخرون : بل معناه : في أمر ضلالة . [ ص: 331 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( فهم في أمر مريج ) قال : هم في أمر ضلالة .
وقال آخرون : بل معناه : في أمر ملتبس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال : ثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير في قوله ( فهم في أمر مريج ) قال : ملتبس .
حدثنا محمد بن عمرو قال : أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( أمر مريج ) قال : ملتبس .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فهم في أمر مريج ) ملتبس عليهم أمره .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر قال : والتبس عليه دينه .
وقال آخرون : بل هو المختلط .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( في أمر مريج ) قال : المريج : المختلط .
وإنما قلت : هذه العبارات وإن اختلفت ألفاظها فهي في المعنى متقاربات ؛ لأن الشيء مختلف ملتبس معناه مشكل . وإذا كان كذلك كان منكرا ؛ لأن المعروف واضح بين ، وإذا كان غير معروف كان لا شك ضلالة ؛ لأن الهدى بين لا لبس فيه . [ ص: 332 ]
وقوله ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ) يقول - تعالى ذكره - : أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتنا على إحيائهم بعد بلائهم ( إلى السماء فوقهم كيف بنيناها ) فسويناها سقفا محفوظا ، وزيناها بالنجوم ( وما لها من فروج ) يعني : وما لها من صدوع وفتوق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( من فروج ) قال : شق .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وما لها من فروج ) قلت له - يعني ابن زيد - : الفروج : الشيء المتبرئ بعضه من بعض ، قال : نعم .