القول في هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ( 24 ) تأويل قوله تعالى : ( إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون ( 25 ) فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ( 26 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، يخبره أنه محل بمن تمادى في غيه ، وأصر على كفره ، فلم يتب منه من كفار قومه ، ما أحل بمن قبلهم من الأمم الخالية ، ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم ، وما فعل بهم ، هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين .
يعني بقوله ( المكرمين ) أن إبراهيم عليه السلام وسارة خدماهم بأنفسهما .
وقيل : إنما قيل ( المكرمين ) كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( ضيف إبراهيم المكرمين ) قال : أكرمهم إبراهيم ، وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ .
وقوله ( إذ دخلوا عليه ) يقول : حين دخل ضيف إبراهيم عليه ، فقالوا له سلاما : أي أسلموا إسلاما ، قال : سلام .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة ، قال [ ص: 425 ] ( سلام ) بالألف بمعنى قال : إبراهيم لهم سلام عليكم . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( سلم ) بغير ألف ، بمعنى ، قال : أنتم سلم .
وقوله ( قوم منكرون ) يقول : قوم لا نعرفكم ، ورفع " قوم منكرون " بإضمار " أنتم " .
وقوله ( فراغ إلى أهله ) يقول : عدل إلى أهله ورجع . وكان الفراء يقول : الروغ وإن كان على هذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه مخفيا ذهابه أو مجيئه ، وقال : ألا ترى أنك تقول قد راغ أهل مكة وأنت تريد رجعوا أو صدروا ، فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه راغ ويروغ .
وقوله ( فجاء بعجل سمين ) يقول : فجاء ضيفه بعجل سمين قد أنضجه شيا .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ) قال : كان عامة مال نبي الله إبراهيم عليه السلام البقر .