يقول - تعالى ذكره - : ما قطعتم من ألوان النخل ، أو تركتموها قائمة على أصولها .
اختلف أهل التأويل في معنى اللينة ، فقال بعضهم : هي جميع أنواع النخل سوى العجوة . [ ص: 269 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا سفيان ، عن ، عن داود بن أبي هند عكرمة : ( 5 ) ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى عبد الأعلى قال : ثنا داود ، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها ) قال : اللينة : ما دون العجوة من النخل .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة ما خالف العجوة من التمر .
وحدثنا به مرة أخرى فقال : من النخل .
حدثني يعقوب قال : ثنا ، عن ابن علية سعيد ، عن قتادة في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخل كله ما خلا العجوة .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) ، واللينة : ما خلا العجوة من النخل .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ( ما قطعتم من لينة ) : ألوان النخل كلها إلا العجوة .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران قال : ثنا سفيان ، عن ، عن داود بن أبي هند عكرمة ، عن ابن عباس ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة دون العجوة .
وقال آخرون : النخل كله لينة ، العجوة منه وغير العجوة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 270 ] عن مجاهد في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : نخلة . قال : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، وقالوا : إنما هي مغانم المسلمين ، ونزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم ، وإنما قطعه وتركه بإذنه .
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى يحيى بن أبي بكير قال : ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( ما قطعتم من لينة ) قال : النخلة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة : النخلة عجوة كانت أو غيرها . قال الله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : الذي قطعوا من نخل النضير حين غدرت النضير .
وقال آخرون : هي لون من النخل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ما قطعتم من لينة ) قال : اللينة : لون من النخل .
وقال ، آخرون : هي كرام النخل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران قال : ثنا سفيان في ( ما قطعتم من لينة ) قال : من كرام نخلهم .
والصواب من القول في ذلك قول من قال : اللينة : النخلة ، وهن من ألوان النخل ما لم تكن عجوة ، وإياها عنى بقوله : ذو الرمة
طراق الخوافي واقع فوق لينة ندى ليله في ريشه يترقرق
[ ص: 271 ]وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : اللينة من اللون ، والليان في الجماعة واحدها اللينة . قال : وإنما سميت لينة لأنه فعلة من فعل ، هو اللون ، وهو ضرب من النخل ، ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت إلى الياء . وكان بعضهم ينكر هذا القول ويقول : لو كان كما قال لجمعوه : اللوان لا الليان . وكان بعض نحويي الكوفة يقول : جمع اللينة لين ، وإنما أنزلت هذه الآية فيما ذكر من أجل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع نخل بني النضير وحرقها ، قالت بنو النضير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك كنت تنهى عن الفساد وتعيبه ، فما بالك تقطع نخلنا وتحرقها ؟ فأنزل الله هذه الآية ، فأخبرهم أن ما قطع من ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ترك ، فعن أمر الله فعل .
وقال آخرون : بل نزل ذلك لاختلاف كان من المسلمين في قطعها وتركها .
ذكر من قال : نزل ذلك لقول اليهود للمسلمين ما قالوا :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا قال : ثنا سلمة بن الفضل محمد بن إسحاق قال : ثنا يزيد بن رومان قال : لما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم - يعني ببني النضير - تحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل ، والتحريق فيها ، فنادوه : يا محمد ، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فأنزل الله - عز وجل - : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) .
ذكر من قال : نزل ذلك لاختلاف كان بين المسلمين في أمرها :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها ) . . . الآية ، أي ليعظهم ، فقطع المسلمون يومئذ النخل ، وأمسك آخرون كراهية أن يكون إفسادا ، فقالت اليهود : آلله أذن لكم في الفساد ؟ فأنزل الله : ( ما قطعتم من لينة ) . [ ص: 272 ]
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها ) قال : نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل ، وقالوا : إنما هي مغانم المسلمين ، ونزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم ، وإنما قطعه وتركه بإذنه .
حدثنا سليمان بن عمر بن خالد البرقي ، قال ابن المبارك ، عن ، عن موسى بن عقبة نافع ، عن ابن عمر قال : قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخل بني النضير ، وفي ذلك نزلت ( ما قطعتم من لينة ) . . . الآية ، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
وقوله : ( فبإذن الله ) يقول : فبأمر الله قطعتم ما قطعتم ، وتركتم ما تركتم ، وليغيظ بذلك أعداءه ، ولم يكن فسادا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ( فبإذن الله ) : أي فبأمر الله قطعت ، ولم يكن فسادا ، ولكن نقمة من الله ، وليخزي الفاسقين . [ ص: 273 ]
وقوله : ( وليخزي الفاسقين ) وليذل الخارجين عن طاعة الله - عز وجل - المخالفين أمره ونهيه ، وهم يهود بني النضير .