قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : أن من الناس من يتخذ من دون الله أندادا له
وقد بينا فيما مضى أن "الند " ، العدل ، بما يدل على ذلك من الشواهد ، فكرهنا إعادته .
وأن الذين اتخذوا هذه "الأنداد " من دون الله ، يحبون أندادهم كحب المؤمنين الله . ثم أخبرهم أن المؤمنين أشد حبا لله ، من متخذي هذه الأنداد لأندادهم .
واختلف أهل التأويل في "الأنداد " التي كان القوم اتخذوها . وما هي ؟
فقال بعضهم : هي آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله .
ذكر من قال ذلك .
2406 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة قوله ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ، من الكفار لأوثانهم .
2407 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله تعالى ذكره : "يحبونهم كحب الله " ، مباهاة ومضاهاة للحق بالأنداد ، "والذين آمنوا أشد حبا لله " ، من الكفار لأوثانهم .
2408 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . [ ص: 280 ]
2409 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " قال : هي الآلهة التي تعبد من دون الله ، يقول : يحبون أوثانهم كحب الله ، "والذين آمنوا أشد حبا لله " ، أي من الكفار لأوثانهم .
2410 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " قال : هؤلاء المشركون . أندادهم : آلهتهم التي عبدوا مع الله ، يحبونهم كما يحب الذين آمنوا الله ، والذين آمنوا أشد حبا لله من حبهم هم آلهتهم .
وقال آخرون : بل "الأنداد " في هذا الموضع ، إنما هم سادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله تعالى ذكره .
ذكر من قال ذلك :
2411 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " قال : الأنداد من الرجال ، يطيعونهم كما يطيعون الله ، إذا أمروهم أطاعوهم وعصوا الله .
فإن قال قائل : وكيف قيل : "كحب الله " ؟ وهل يحب الله الأنداد ؟ وهل كان متخذو الأنداد يحبون الله ، فيقال : "يحبونهم كحب الله " ؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما ذهبت إليه ، وإنما ذلك نظير قول القائل : "بعت غلامي كبيع غلامك " ، بمعنى : بعته كما بيع غلامك ، وكبيعك [ ص: 281 ] غلامك ، "واستوفيت حقي منه استيفاء حقك " ، بمعنى : استيفائك حقك ، فتحذف من الثاني كناية اسم المخاطب ، اكتفاء بكنايته في "الغلام " و"الحق " ، كما قال الشاعر :
فلست مسلما ما دمت حيا على زيد بتسليم الأمير
يعني بذلك : كما يسلم على الأمير .
فمعنى الكلام إذا : ومن الناس من يتخذ ، أيها المؤمنون ، من دون الله أندادا يحبونهم كحبكم الله .