يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فاصبر يا محمد لقضاء ربك وحكمه فيك ، وفي هؤلاء المشركين بما أتيتهم به من هذا القرآن وهذا الدين ، وامض لما أمرك به ربك ، ولا يثنيك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه تكذيبهم إياك ، وأذاهم لك .
وقوله : ( ولا تكن كصاحب الحوت ) الذي حبسه في بطنه ، وهو يونس بن متى صلى الله عليه وسلم ، فيعاقبك ربك على تركك تبليغ ذلك ، كما عاقبه فحبسه في بطنه : ( إذ نادى وهو مكظوم ) يقول : إذ نادى وهو مغموم ، قد أثقله الغم وكظمه .
كما حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، [ ص: 563 ] عن ابن عباس ، قوله : ( إذ نادى وهو مكظوم ) يقول : مغموم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( مكظوم ) قال : مغموم .
وكان قتادة يقول في قوله : ( ولا تكن كصاحب الحوت ) : لا تكن مثله في العجلة والغضب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم ) يقول : لا تعجل كما عجل ، ولا تغضب كما غضب .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقوله : ( لولا أن تداركه نعمة من ربه ) يقول جل ثناؤه : لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمة من ربه ، فرحمه بها ، وتاب عليه من مغاضبته ربه ( لنبذ بالعراء ) وهو الفضاء من الأرض : ومنه قول قيس بن جعدة :
ورفعت رجلا لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثيابي
( وهو مذموم ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( وهو مذموم ) فقال بعضهم : معناه وهو مليم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وهو مذموم ) يقول : وهو مليم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهو مذنب
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه عن بكر ( وهو مذموم ) [ ص: 564 ] قال : هو مذنب .