[ ص: 121 ] [ ص: 122 ] [ ص: 123 ] تفسير سورة والمرسلات
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في والمرسلات عرفا ( 1 ) تأويل قوله تعالى : ( فالعاصفات عصفا ( 2 ) والناشرات نشرا ( 3 ) فالفارقات فرقا ( 4 ) فالملقيات ذكرا ( 5 ) عذرا أو نذرا ( 6 ) ) .
اختلف أهل التأويل في معنى قول الله : ( والمرسلات عرفا ) فقال بعضهم : معنى ذلك : والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضا ، قالوا : والمرسلات : هي الرياح .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي ، عن المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود فقال : ( والمرسلات عرفا ) قال : الريح .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : ثنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سأل فذكر نحوه . عبد الله بن مسعود ،
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت فذكر نحوه . عبد الله بن مسعود ،
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( والمرسلات عرفا ) يعني : الريح .
حدثنا قال : ثنا محمد بن المثنى ، عبيد الله بن معاذ ، قال : ثني أبي ، عن شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي صالح صاحب الكلبي في قوله : ( والمرسلات عرفا ) قال : هي الرياح .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( والمرسلات عرفا ) قال : الريح . [ ص: 124 ]
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله عن ( المرسلات عرفا ) قال : الريح .
ثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( والمرسلات عرفا ) قال : هي الريح .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : والملائكة التي ترسل بالعرف .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، قال : كان مسروق يقول في المرسلات : هي الملائكة .
حدثنا إسرائيل بن أبي إسرائيل ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : ثنا شعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت أبا الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله في قوله : ( والمرسلات عرفا ) قال : الملائكة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح عن ووكيع إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله : ( والمرسلات عرفا ) قال : هي الرسل ترسل بالعرف .
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، قال : سألت أبا صالح عن قوله : ( والمرسلات عرفا ) قال : هي الرسل ترسل بالمعروف; قالوا : فتأويل الكلام : والملائكة التي أرسلت بأمر الله ونهيه ، وذلك هو العرف .
وقال بعضهم : عني بقوله ( عرفا ) : متتابعا كعرف الفرس ، كما قالت العرب : الناس إلى فلان عرف واحد ، إذا توجهوا إليه فأكثروا .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن داود بن الزبرقان ، عن صالح بن بريدة ، في قوله : ( عرفا ) قال : يتبع بعضها بعضا .
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا ، وقد ترسل عرفا الملائكة ، وترسل كذلك الرياح ، ولا دلالة تدل على أن المعني [ ص: 125 ] بذلك أحد الحزبين دون الآخر ، وقد عم جل ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف ، فكل من كان صفته كذلك ، فداخل في قسمه ذلك ملكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا .
وقوله : ( فالعاصفات عصفا ) يقول جل ذكره : فالرياح العاصفات عصفا ، يعني : الشديدات الهبوب السريعات الممر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا هناد ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد ، عن عرعرة أن رجلا قام إلى علي رضي الله عنه ، فقال : ما العاصفات عصفا ؟ قال : الريح .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي ، عن المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سأل فقال : ما العاصفات عصفا ؟ قال : الريح . عبد الله بن مسعود ،
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين قال : سألت فذكر مثله . عبد الله بن مسعود ،
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله ، فذكر مثله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : ( فالعاصفات عصفا ) قال : الريح .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ( فالعاصفات عصفا ) قال : هي الرياح .
حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل قال : سألت أبا صالح عن قوله : ( فالعاصفات عصفا ) قال : هي الرياح .
حدثنا قال : ثنا محمد بن المثنى ، عبيد الله بن معاذ ، قال : ثني أبي ، عن شعبة ، [ ص: 126 ] عن إسماعيل السدي عن أبي صالح صاحب الكلبي ، في قوله : ( فالعاصفات عصفا ) قال : هي الرياح .
حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : ثنا أبو معاوية الضرير وسعيد بن محمد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : ( فالعاصفات عصفا ) قال : هي الريح .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، إسماعيل ، عن أبي صالح ، مثله .
قال : ثنا عن وكيع ، إسرائيل ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، عن علي رضي الله عنه ( فالعاصفات عصفا ) قال : الريح .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فالعاصفات عصفا ) قال : الرياح .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقوله : ( والناشرات نشرا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : عني بالناشرات نشرا : الريح .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي ، عن المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود عن ( الناشرات نشرا ) قال : الريح .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين ، عن ابن مسعود ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت فذكر مثله . عبد الله بن مسعود ،
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله ، فذكر مثله .
قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( والناشرات نشرا ) قال : الريح .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا قال : ثنا ابن المثنى ، عبيد الله بن معاذ ، قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي صالح صاحب الكلبي ، في قوله : ( والناشرات نشرا ) قال : [ ص: 127 ] هي الرياح .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( والناشرات نشرا ) قال : الرياح .
وقال آخرون : هي المطر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، قال : سألت أبا صالح ، عن قوله : ( والناشرات نشرا ) قال المطر .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ( والناشرات نشرا ) قال : هي المطر .
قال : ثنا عن وكيع ، إسماعيل ، عن أبي صالح ، مثله .
وقال آخرون : بل هي الملائكة التي تنشر الكتب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن هشام ، قال : ثنا عن عبيد الله بن موسى ، إسرائيل ، عن عن السدي ، أبي صالح والناشرات نشرا ) قال : الملائكة تنشر الكتب . (
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالناشرات نشرا ، ولم يخصص شيئا من ذلك دون شيء ، فالريح تنشر السحاب ، والمطر ينشر الأرض ، والملائكة تنشر الكتب ، ولا دلالة من وجه يجب التسليم له على أن المراد من ذلك بعض دون بعض ، فذلك على كل ما كان ناشرا .
وقوله : ( فالفارقات فرقا ) اختلف أهل التأويل في معناه ، فقال بعضهم : عني : بذلك : الملائكة التي تفرق بين الحق والباطل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ( فالفارقات فرقا ) قال : الملائكة .
قال : ثنا عن وكيع ، إسماعيل ، عن أبي صالح ( فالفارقات فرقا ) قال : الملائكة .
قال : ثنا عن وكيع ، إسماعيل ، مثله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، [ ص: 128 ] عن أبيه ، عن ابن عباس ( فالفارقات فرقا ) قال : الملائكة .
وقال آخرون : بل عني بذلك القرآن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالفارقات فرقا ) يعني القرآن ما فرق الله فيه بين الحق والباطل .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : أقسم ربنا جل ثناؤه بالفارقات ، وهي الفاصلات بين الحق والباطل ، ولم يخصص بذلك منهن بعضا دون بعض ، فذلك قسم بكل فارقة بين الحق والباطل ، ملكا كان أو قرآنا ، أو غير ذلك .
وقوله : ( فالملقيات ذكرا ) يقول : فالمبلغات وحي الله رسله ، وهي الملائكة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( فالملقيات ذكرا ) يعني : الملائكة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فالملقيات ذكرا ) قال : هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل وتبلغه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فالملقيات ذكرا ) قال : الملائكة تلقي القرآن .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( فالملقيات ذكرا ) قال : الملائكة .
وقوله : ( عذرا أو نذرا ) يقول تعالى ذكره : فالملقيات ذكرا إلى الرسل إعذارا من الله إلى خلقه ، وإنذارا منه لهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( عذرا أو نذرا ) قال : عذرا من الله ، ونذرا منه إلى خلقه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( عذرا أو نذرا ) : عذرا لله على خلقه ، ونذرا للمؤمنين ينتفعون به ، ويأخذون به . [ ص: 129 ]
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( عذرا أو نذرا ) يعني : الملائكة .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والشام وبعض المكيين وبعض الكوفيين : ( عذرا ) بالتخفيف ، أو نذرا بالتثقيل : وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض البصريين بتخفيفهما ، وقرأه آخرون من أهل البصرة بتثقيلهما والتخفيف فيهما أعجب إلي وإن لم أدفع صحة التثقيل لأنهما مصدران بمعنى الإعذار والإنذار .