[ ص: 126 ] القول في تأويل قوله تعالى ( لا نفرق بين أحد من رسله    ) 
قال أبو جعفر   : وأما قوله : " لا نفرق بين أحد من رسله   " فإنه أخبر - جل ثناؤه - بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك . ففي الكلام في قراءة من قرأ : " لا نفرق بين أحد من رسله   " بالنون ، متروك ، قد استغني بدلالة ما ذكر عنه . وذلك المتروك هو " يقولون " . وتأويل الكلام : والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، يقولون : لا نفرق بين أحد من رسله . وترك ذكر " يقولون " لدلالة الكلام عليه ، كما ترك ذكره في قوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم   ) [ سورة الرعد : 23 - 24 ] ، بمعنى : يقولون : سلام . 
وقد قرأ ذلك جماعة من المتقدمين : ( لا نفرق بين أحد من رسله   ) ب " الياء " بمعنى : والمؤمنون كلهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، لا يفرق الكل منهم بين أحد من رسله ، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض ، ولكنهم يصدقون بجميعهم ، ويقرون أن ما جاءوا به كان من عند الله ، وأنهم دعوا إلى الله وإلى طاعته ، ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود  الذين أقروا بموسى  وكذبوا عيسى ،  والنصارى  الذين أقروا بموسى  وعيسى  وكذبوا بمحمد   - صلى الله عليه وسلم - وجحدوا نبوته ، ومن أشبههم من الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله ، وأقروا ببعضه ، كما : - 
6500 - حدثني يونس  قال أخبرنا ابن وهب  قال قال ابن زيد   : " لا نفرق بين أحد من رسله   " كما صنع القوم - يعني بني إسرائيل   - قالوا : فلان نبي ، وفلان ليس نبيا ، وفلان نؤمن به ، وفلان لا نؤمن به . 
قال أبو جعفر   : والقراءة التي لا نستجيز غيرها في ذلك عندنا بالنون :  [ ص: 127 ]  " لا نفرق بين أحد من رسله   " لأنها القراءة التي قامت حجتها بالنقل المستفيض الذي يمتنع معه التشاعر والتواطؤ والسهو والغلط بمعنى ما وصفنا من : يقولون لا نفرق بين أحد من رسله ولا يعترض بشاذ من القراءة على ما جاءت به الحجة نقلا ووراثة . 
				
						
						
