[ ص: 292 ]   ( لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد     ( 26 ) ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم    ( 27 ) ) 
( لله ما في السماوات والأرض إن الله هو الغني الحميد    ) قوله - عز وجل - : ) ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام    ) الآية . قال المفسرون : نزلت بمكة ،  قوله سبحانه وتعالى : " ويسئلونك عن الروح    " ، إلى قوله : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا    " ( الإسراء - 85 ) ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة  أتاه أحبار اليهود  فقالوا : يا محمد ،  بلغنا عنك أنك تقول : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " أفعنيتنا أم قومك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : كلا قد عنيت ، قالوا : ألست تتلوا فيما جاءك أنا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم " ، قالوا : يا محمد  كيف تزعم هذا وأنت تقول : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا    " ( البقرة - 269 ) ، فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير ؟ فأنزل الله هذه الآية   . 
قال قتادة    : إن المشركين قالوا : إن القرآن وما يأتي به محمد  يوشك أن ينفد فينقطع ، فنزلت : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام    ) ، أي : بريت أقلاما ( والبحر يمده    ) قرأ أبو عمرو  ويعقوب    : " والبحر " بالنصب عطفا على " ما " ، والباقون بالرفع على الاستئناف ) ( يمده ) أي : يزيده ، وينصب فيه ) ( من بعده ) خلفه ( سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله    ) وفي الآية اختصار تقديره : ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر يكتب بها كلام الله ما نفدت كلمات الله . ( إن الله عزيز حكيم    ) وهذه الآية على قول  عطاء بن يسار  مدنية ، وعلى قول غيره مكية ، وقالوا : إنما أمر اليهود  وفد قريش  أن يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولوا له ذلك وهو بعد بمكة ،  والله أعلم . 
				
						
						
