( ما ضل صاحبكم وما غوى     ( 2 ) وما ينطق عن الهوى    ( 3 ) إن هو إلا وحي يوحى    ( 4 ) علمه شديد القوى    ( 5 ) ذو مرة فاستوى    ( 6 ) وهو بالأفق الأعلى    ( 7 ) ) 
وجواب القسم : قوله : ( ما ضل صاحبكم    ) يعني : محمدا    - صلى الله عليه وسلم - ما ضل عن طريق الهدى ( وما غوى    ( وما ينطق عن الهوى    ) أي : بالهوى يريد لا يتكلم بالباطل ، وذلك أنهم قالوا : إن محمدا    - صلى الله عليه وسلم - يقول القرآن من تلقاء نفسه . 
( إن هو    ) ما نطقه في الدين ، وقيل : القرآن ( إلا وحي يوحى    ) أي : وحي من الله يوحى إليه . 
( علمه شديد القوى    ) جبريل ،  والقوى جمع القوة . 
( ذو مرة    ) قوة وشدة في خلقه يعني جبريل    . قال ابن عباس    : ذو مرة يعني : ذو منظر حسن   . وقال مقاتل    : ذو خلق طويل حسن . ( فاستوى ) يعني : جبريل    . 
( وهو ) يعني محمدا    - صلى الله عليه وسلم - ، وأكثر كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا أن يظهروا كناية المعطوف عليه ، فيقولون استوى هو وفلان ، وقلما يقولون : استوى وفلان نظير هذا قوله : " أئذا كنا ترابا وآباؤنا    " ( النمل - 67 ) عطف الآباء على المكنى في " كنا " من غير إظهار نحن ، ومعنى الآية : استوى جبريل  ومحمد  عليهما السلام ليلة المعراج ( بالأفق الأعلى    ) وهو أقصى الدنيا عند مطلع الشمس ، وقيل : " فاستوى " يعني جبريل ،  وهو كناية عن جبريل  أيضا أي : قام في صورته التي خلقه   [ ص: 401 ] الله ، وهو بالأفق الأعلى ، وذلك أن جبريل كان يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صورة الآدميين  كما كان يأتي النبيين ، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريه نفسه على الصورة التي جبل عليها فأراه نفسه مرتين : مرة في الأرض ومرة في السماء ، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى ، والمراد بالأعلى جانب المشرق ، وذلك أن محمدا    - صلى الله عليه وسلم - كان بحراء  فطلع له جبريل  من المشرق فسد الأفق إلى المغرب ، فخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغشيا عليه ، فنزل جبريل  في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه ، وجعل يمسح الغبار عن وجهه ، وهو قوله : " ثم دنا فتدلى " وأما في السماء فعند سدرة المنتهى ، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلا نبينا محمد    - صلى الله عليه وسلم - . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					