( ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم  ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين    ( 59 ) فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون    ( 60 ) قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون    ( 61 ) وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون    ( 62 ) . 
( ولما جهزهم بجهازهم    ) أي : حمل لكل واحد بعيرا بعدتهم ( قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم    ) يعني بنيامين    ( ألا ترون أني أوفي الكيل    ) أي : أتمه ولا أبخس الناس شيئا ، فأزيدكم حمل بعير لأجل أخيكم ، وأكرم منزلتكم وأحسن إليكم ( وأنا خير المنزلين    ) قال مجاهد    : أي خير المضيفين . وكان قد أحسن ضيافتهم . 
( فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي    ) أي : ليس لكم عندي طعام أكيله لكم ( ولا تقربون    ) أي : لا تقربوا داري [ وبلادي ] بعد ذلك وهو جزم على النهي . 
( قالوا سنراود عنه أباه    ) أي : نطلبه ونسأله أن يرسله معنا ( وإنا لفاعلون    ) ما أمرتنا به . 
( وقال لفتيانه    ) قرأ حمزة ،   والكسائي ،  وحفص :    ( لفتيانه ) بالألف والنون ، وقرأ الباقون : " لفتيته " بالتاء من غير ألف يريد لغلمانه ، وهما لغتان مثل الصبيان والصبية ( اجعلوا بضاعتهم    ) ثمن طعامهم وكانت دراهم . 
وقال الضحاك  عن ابن عباس    : كانت النعال والأدم . 
وقيل : كانت ثمانية جرب من سويق المقل . والأول أصح . 
( في رحالهم    ) أوعيتهم ، وهي جمع رحل ( لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا    ) انصرفوا ( إلى أهلهم لعلهم يرجعون    ) . 
واختلفوا في السبب الذي فعله يوسف  من أجله ، قيل : أراد أن يريهم كرمه في رد البضاعة وتقديم   [ ص: 256 ] الضمان في البر والإحسان ، ليكون أدعى لهم إلى العود ، لعلهم يعرفونها ، أي : كرامتهم علينا . 
وقيل : رأى لؤما أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إليه ، فرده عليهم من حيث لا يعلمون تكرما . 
وقال الكلبي    : تخوف أن لا يكون عند أبيه من الورق ما يرجعون به مرة أخرى . 
وقيل : فعل ذلك لأنه علم أن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة نفيا للغلط ولا يستحلون إمساكها . 
				
						
						
