[ ص: 254 ]   ( وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون    ( 58 ) . 
( وجاء إخوة يوسف     ) وكانوا عشرة ، وكان منزلهم بالعرنات  من أرض فلسطين  بغور الشام  وكانوا أهل بادية ، وإبل ، وشاة ، فدعاهم يعقوب  عليه السلام وقال : يا بني ، بلغني أن بمصر  ملكا صالحا يبيع الطعام ، فتجهزوا لتشتروا منه الطعام ، فأرسلهم فقدموا مصر    ( فدخلوا عليه    ) على يوسف    ( فعرفهم ) يوسف  عليه السلام . 
قال ابن عباس ،  ومجاهد :  عرفهم بأول ما نظر إليهم . 
وقال الحسن    : لم يعرفهم حتى تعرفوا إليه . 
( وهم له منكرون    ) أي : لم يعرفوه . قال ابن عباس    : وكان بين أن قذفوه في البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة ، فلذلك أنكروه . 
وقال عطاء    : إنما لم يعرفوه لأنه كان على سرير الملك وعلى رأسه تاج الملك . 
وقيل : لأنه كان بزي ملوك مصر  عليه ثياب من حرير ، وفي عنقه طوق من ذهب ، فلما نظر إليهم يوسف  وكلموه بالعبرانية ، قال لهم : أخبروني من أنتم ؟ وما أمركم ؟ فإني أنكرت شأنكم ، قالوا : نحن قوم من أرض الشام  رعاة ، أصابنا الجهد فجئنا نمتار . 
فقال : لعلكم جئتم تنظرون عورة بلادي . 
قالوا : لا والله ما نحن بجواسيس ، إنما نحن إخوة بنو أب واحد ، وهو شيخ صديق يقال له يعقوب  نبي من أنبياء الله . 
قال : وكم أنتم ؟ قالوا : كنا اثني عشر ، فذهب أخ لنا معنا إلى البرية ، فهلك فيها ، وكان أحبنا إلى أبينا . 
قال : فكم أنتم ها هنا ؟ . 
قالوا : عشرة . 
قال : وأين الآخر ؟ 
قالوا : عند أبينا ، لأنه أخو الذي هلك لأمه ، فأبونا يتسلى به . 
قال : فمن يعلم أن الذي تقولون حق ؟ 
قالوا : أيها الملك ، إنا ببلاد لا يعرفنا أحد [ من أهلها ] .   [ ص: 255 ] 
فقال يوسف    : فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين ، وأنا أرضى بذلك . 
قالوا : فإن أبانا يحزن على فراقه وسنراود عنه أباه . 
قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني بأخيكم ، فاقترعوا بينهم ، فأصابت القرعة شمعون  وكان أحسنهم رأيا في يوسف  فخلفوه عنده . فذلك قوله عز وجل : 
				
						
						
