[ ص: 38 ] جريج أحد عباد بني إسرائيل قصة
قال : حدثنا الإمام أحمد حدثني أبي سمعت وهب بن جرير يحدث عن محمد بن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ; عيسى ابن مريم قال : وكان في بني إسرائيل رجل عابد يقال له : جريج فابتنى صومعة وتعبد فيها قال : فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج فقالت بغي منهم : لئن شئتم لأفتننه ! فقالوا : قد شئنا ذاك . قال : فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأمكنت نفسها من راع كان يأوي غنمه إلى أصل صومعة جريج فحملت فولدت غلاما فقالوا : ممن ؟ قالت : من جريج فأتوه فاستنزلوه فشتموه وضربوه وهدموا صومعته فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : إنك زنيت بهذه البغي فولدت غلاما فقال : وأين هو ؟ قالوا : هو هذا قال : فقام فصلى ودعا ، ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بإصبعه فقال : بالله يا غلام من أبوك ؟ فقال : أنا ابن الراعي فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه ، وقالوا : نبني صومعتك من ذهب قال : لا حاجة لي في ذلك ابنوها من طين كما كانت قال : وبينما امرأة في حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثل هذا ، قال : فترك ثديها [ ص: 39 ] وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله قال : ثم عاد إلى ثديها فمصه قال : فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي صنيع الصبي ، ووضع أصبعه في فمه يمصها ، ثم مر بأمة تضرب فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثلها قال : فترك ثديها ، وأقبل على الأمة فقال : اللهم اجعلني مثلها قال : فذاك حين تراجعا الحديث فقالت : حلقى ! مر الراكب ذو الشارة فقلت : اللهم اجعل ابني مثله فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، ومر بهذه الأمة فقلت : اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت : اللهم اجعلني مثلها فقال : يا أمتاه إن الراكب ذو الشارة جبار من الجبابرة ، وإن هذه الأمة يقولون : زنت ولم تزن ، وسرقت ولم تسرق ، وهي تقول : حسبي الله أبو هريرة وهكذا رواه في أحاديث الأنبياء ، وفي المظالم عن البخاري مسلم بن ابراهيم ، ومسلم في كتاب الأدب عن عن زهير بن حرب كلاهما عن يزيد بن هارون جرير بن حازم به .
[ ص: 40 ] طريق أخرى وسياق آخر ، قال : حدثنا الإمام أحمد يحيى بن سعيد حدثنا حدثنا سليمان بن المغيرة حميد بن هلال عن أبي رافع عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة جريج يتعبد في صومعته قال : فأتته أمه فقالت : يا جريج أنا أمك فكلمني قال : وكان يصف كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفها ، وضع يده على حاجبه الأيمن قال : فصادفته يصلي قال : يا رب أمي وصلاتي فاختار صلاته فرجعت ثم أتته فصادفته يصلي فقالت : يا أبو هريرة جريج أنا أمك فكلمني فقال : يا رب أمي وصلاتي فاختار صلاته فقالت : اللهم هذا جريج وإنه ابني ، وإني كلمته فأبى أن يكلمني ، اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات . ولو دعت عليه أن يفتتن لافتتن قال : وكان راع يأوي إلى ديره فخرجت امرأة فوقع عليها الراعي فولدت غلاما فقيل : ممن هذا ؟ فقالت : هو من صاحب الدير ، فأقبلوا بفئوسهم ومساحيهم وأقبلوا إلى الدير فنادوه فلم يكلمهم ، فأقبلوا يهدمون ديره فنزل إليهم فقالوا : سل هذه المرأة قال أراه تبسم قال : ثم مسح رأس الصبي فقال : من أبوك ؟ قال : راعي الضأن قالوا : يا جريج نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة قال : لا ولكن أعيدوه كما كان ففعلوا ورواه كان مسلم في الاستئذان عن عن شيبان بن فروخ به سليمان بن المغيرة
[ ص: 41 ] سياق آخر قال : حدثنا الإمام أحمد عفان حدثنا حماد أنبأنا ثابت عن أبي رافع عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، كان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يتعبد في صومعته ، فأتته أمه ذات يوم فنادته فقالت : أي جريج أي بني أشرف علي أكلمك أنا أمك أشرف علي فقال : أي ربي صلاتي وأمي فأقبل على صلاته ، ثم عادت فنادته مرارا فقالت : أي جريج أي بني أشرف علي فقال : أي رب صلاتي وأمي فأقبل على صلاته فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه المومسة .
وكانت راعية ترعى غنما لأهلها ، ثم تأوي إلى ظل صومعته فأصابت فاحشة فحملت فأخذت ، - وكان من زنى منهم قتل - فقالوا : ممن ؟ قالت : من جريج صاحب الصومعة فجاءوا بالفئوس والمرور فقالوا : أي جريج أي مراء انزل فأبى وأقبل على صلاته يصلي ، فأخذوا في هدم صومعته ، فلما رأى ذلك نزل فجعلوا في عنقه وعنقها حبلا فجعلوا يطوفون بهما في الناس ، فوضع أصبعه على بطنها فقال : أي غلام من أبوك ؟ فقال : أبي فلان راعي الضأن . فقبلوه وقالوا : إن شئت بنينا لك صومعتك من ذهب وفضة . قال أعيدوها كما كانت . . وهذا سياق غريب ، وإسناده على شرط [ ص: 42 ] مسلم ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه .
فهؤلاء ثلاثة تكلموا في المهد عيسى ابن مريم عليه السلام وقد تقدم الكلام على قصته ، وصاحب جريج ابن البغي من الراعي كما سمعت والثالث ابن المرأة التي كانت ترضعه فتمنت له أن يكون كصاحب الشارة الحسنة فتمنى أن يكون كتلك الأمة المتهومة بما هي بريئة منه ، وهي تقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، كما تقدم في رواية عن محمد بن سيرين مرفوعا وقد رواه أبي هريرة عن الإمام أحمد هوذة عن عوف الأعرابي عن خلاس عن عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصة هذا الغلام الرضيع وهو إسناد حسن . أبي هريرة
وقال : حدثنا البخاري أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج حدثه أنه سمع أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبا هريرة بينما امرأة ترضع ابنها إذ مر بها راكب وهي ترضعه ، فقالت : اللهم لا تمت ابني حتى يكون مثل هذا . فقال : اللهم لا تجعلني مثله ، ثم رجع في الثدي ، ومر بامرأة تجر ، ويلعب بها فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه فقال : اللهم اجعلني مثلها فقال : أما الراكب فإنه كافر وأما المرأة ، [ ص: 43 ] فإنهم يقولون : إنها تزني ، وتقول : حسبي الله ، ويقولون : تسرق ، وتقول : حسبي الله وقد ورد في أيضا شاهد من تكلم في المهد يوسف كما تقدم ، وابن ماشطة آل فرعون . والله أعلم .