[ ص: 171 ] ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة 
في صفر منها دخل السلطان بركياروق  إلى بغداد  ونزل بدار الملك ، وأعيدت له الخطبة ببغداد ،  وقطعت خطبة أخيه محمد بن ملكشاه ،  وبعث إليه الخليفة هدية هائلة ، وفرح به العوام والنساء ; ولكنه في ضيق من أمر أخيه السلطان محمد ;  لإقبال الدولة عليه واجتماعهم إليه ، وقلة ما معه من أموال ، ومطالبة الجند له بأرزاقهم ، فعزم على مصادرة الوزير ابن جهير  فالتجأ إلى الخليفة فمنعه من ذلك ، ثم اتفق الحال على المصالحة عنه بمائة وستين ألف دينار ، ثم التقى هو وأخوه محمد  بمكان قريب من همذان  فهزمه أخوه محمد ،  ونجا هو بنفسه في خمسين فارسا ، وقتل في هذه الوقعة سعد الدولة كوهرائين  الخادم وكان قديم الهجرة في الدولة وقد ولي شحنكية بغداد ،  وكان حليما حسن السيرة لم يتعمد ظلما ، ولم ير خادم ما رأى من الحشمة والحرمة وكثرة الخدمة ، وقد كان يكثر الصلاة بالليل ولا يجلس إلا على وضوء ، ولم يمرض مدة حياته ، ولم يصدع قط ، ولما جرى ما جرى في هذه الوقعة ضعف أمر السلطان بركياروق ،  ثم تراجع إليه جيشه ،   [ ص: 172 ] وانضاف إليه الأمير داود حبشي  في عشرين ألفا فالتقى مع أخيه الآخر سنجر  ، فهزمه سنجر  أيضا ، وأسر داود  المذكور في هذه الوقعة ، فقتله الأمير بزغش  أحد أمراء سنجر  فضعف جانب بركياروق  وتقهقر حاله وتفرقت عنه رجاله ، وقطعت خطبته من بغداد  في رابع عشر رجب ، وأعيدت خطبة السلطان محمد    . 
وفي رمضان قبض على الوزير عميد الدولة ابن جهير  وعلى أخويه ; زعيم الرؤساء أبي القاسم  وأبي البركات الملقب بالكافي ،  وأخذت منهم أموال كثيرة ، وحبس بدار الخلافة حتى مات في شوال من هذه السنة ، وفي الليلة السابعة والعشرين منه قتل شحنة أصبهان  ضربه باطني بسكين في خاصرته ، وقد كان يتحرز منهم طول مباشرته ، ويدرع تحت ثيابه سوى هذه الليلة ، ومات من أولاده في هذه الليلة جماعة فخرج من داره خمس جنائز من صبيحتها . 
وفي هذه السنة أقبل ملك الفرنج  في ثلاثمائة ألف مقاتل ، فالتقى معه كمشتكين ابن الدانشمند طايلو  أتابك الجيوش ب دمشق   الذي يقال له : أمين الدولة ،  واقف الأمينية بدمشق  وببصرى ،    - لا التي ببعلبك    - فهزم الفرنج   [ ص: 173 ] وقتل منهم خلقا كثيرا ; بحيث لم ينج منهم سوى ثلاثة آلاف ، وأكثرهم جرحى - يعني الثلاثة آلاف - وذلك في ذي القعدة من هذه السنة ، ولحقهم إلى ملطية  فملكها ، وأسر ملكها ؛ ولله الحمد . 
وحج بالناس الأمير التونتاش التركي  وكان شافعي المذهب . 
				
						
						
