[ ص: 722 ] ثم دخلت سنة تسع وتسعين وخمسمائة 
 قال سبط بن الجوزي  في " المرآة " : في ليلة السبت سلخ المحرم هاجت النجوم في السماء وماجت شرقا وغربا  ، وتطايرت كالجراد المنتشر يمينا وشمالا ، قال : ولم ير مثل هذا إلا في عام المبعث وفي سنة إحدى وأربعين ومائتين . 
وفي هذه السنة شرع في عمارة سور قلعة دمشق  وابتدئ ببرج الزاوية الغربية القبلية المجاور لباب النصر . 
وفيها أرسل الخليفة الناصر  الخلع وسراويلات الفتوة للملك العادل  وبنيه . وفيها بعث العادل  ولده الأشرف موسى  لمحاصرة ماردين  وساعده جيش سنجار والموصل ،  ثم وقع الصلح على يدي الظاهر  على أن يحمل صاحب ماردين  للعادل  في كل سنة مائة ألف وخمسين ألف دينار ، وأن تكون السكة والخطبة للعادل ،  وأنه متى طلبه بجيشه يحضر إليه . 
وفيها كمل بناء رباط المرزبانية ، ووليه الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي ،  ومعه جماعة من الصوفية ،  ورتب لهم من المعلوم والجراية ما   [ ص: 723 ] ينبغي لمثلهم من إقامتهم بالديار المصرية . 
وفيها احتجر الملك العادل  على محمد بن الملك العزيز  وإخوته ، وسيرهم إلى الرها  خوفا من إقامتهم بمصر    . وفيها استحوذت الكرج  على مدينة دوين  ، فقتلوا أهلها ونهبوها ، وهي من بلاد أذربيجان ،  وذلك لاشتغال ملكها بالفسق وشرب الخمر - قبحه الله - فتحكمت الكفرة من رقاب المسلمين بسببه ، وذلك كله غل في عنقه يوم القيامة . 
وفيها توفي الملك غياث الدين الغوري  أخو شهاب الدين  
فقام في الملك بعده ولده محمود ،  وتلقب بلقب أبيه ، وكان غياث الدين  عاقلا حازما شجاعا ، لم تكسر له راية قط مع كثرة حروبه ، وكان شافعي  المذهب ، قد ابتنى مدرسة هائلة للشافعية ، وكانت سيرته في غاية الجودة ، وكذا سريرته ؛ رحمه الله . 
				
						
						
