[ ص: 180 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين وستمائة 
فيها كانت وقعة عظيمة بين الأشرف موسى بن العادل  وبين جلال الدين بن خوارزم شاه الخوارزمي ،   وكان سببها أن جلال الدين  كان قد أخذ مدينة خلاط  في العام الماضي ، وخربها وشرد أهلها ، وحاربه علاء الدين كيقباذ  ملك الروم ،  وأرسل إلى الأشرف  يستحثه على القدوم عليه ولو جريدة وحده ، فقدم الأشرف  في طائفة كبيرة من عسكر دمشق  ، وانضاف إليهم عسكر بلاد الجزيرة  ، ومن بقي من عسكر خلاط  ، فكانوا خمسة آلاف مقاتل صليبة ، معهم العدة الكاملة والخيول الهائلة ، فالتقوا مع جلال الدين  بأذربيجان ،  وهو في عشرين   [ ص: 181 ] ألف مقاتل ، فلم يقم لهم ساعة واحدة ، ولا صبر ، بل تقهقر وانهزم واتبعوهم على الأثر ، ولم يزالوا في أثرهم إلى مدينة خوي    . وعاد الأشرف  إلى مدينة خلاط  ، فوجدها خاوية على عروشها ، فمهدها وأطدها ، ثم تصالح هو وجلال الدين ،  وعاد إلى مستقر ملكه بدمشق ،    - حرسها الله تعالى وإياه - 
وفيها تسلم الملك الأشرف  قلعة بعلبك  من الملك الأمجد بهرام شاه  بعد حصار طويل ، ثم استخلف على دمشق  أخاه الصالح إسماعيل ،  ثم سار إلى الشرق بسبب أن جلال الدين الخوارزمي  استحوذ على بلاد خلاط  وقتل من أهلها خلقا كثيرا ، ونهب أموالا كثيرة ، فالتقى معه الأشرف  رأسا هائلا ، واقتتلوا قتالا عظيما ، فهزمه الأشرف  هزيمة منكرة ، وهلك من الخوارزمية  خلق كثير ، ودقت البشائر في البلاد فرحا بنصرة الأشرف  على الخوارزمية ،  فإنهم كانوا لا يفتحون بلدا إلا قتلوا من فيه ونهبوا أموالهم ، فكسرهم الله تعالى . وقد كان الأشرف  رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل الوقعة ، وهو يقول له : يا موسى  أنت منصور عليهم . ولما فرغ من كسرهم عاد إلى بلاد خلاط  فرمم شعثها ، وأصلح ما كان فسد منها . 
ولم يحج أحد من أهل الشام   في هذه السنة ، ولا في التي قبلها ، وكذا فيما قبلها ، أيضا فهذه ثلاث سنين لم يسر من الشام  حاج إلى الحجاز    . 
وفيها أخذت الفرنج  جزيرة ميورقة  وقتلوا بها خلقا ، وأسروا آخرين ، فقدموا   [ ص: 182 ] بهم إلى الساحل ، فاستقبلهم المسلمون ، فأخبروا بما جرى عليهم من الفرنج    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					