وممن توفي فيها من الأعيان : الشيخ المقرئ شهاب الدين أبو عبد الله الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر الكفري الحنفي   ، ولد تقريبا في سنة سبع وثلاثين وستمائة ، وسمع الحديث ، وقرأ بنفسه " كتاب الترمذي    " ، وقرأ القراءات ، وتفرد بها مدة يشتغل الناس عليه ، وجمع عليه السبع أكثر من عشرين طالبا ، وكان يعرف النحو ، والأدب ، وفنونا كثيرة ، وكانت مجالسته حسنة ، وله فوائد كثيرة ، درس بالطرخانية أكثر من أربعين سنة ، وناب في الحكم عن  الأذرعي  مدة ولايته ، وكان خيرا مباركا ، وأضر في آخر عمره ، وانقطع في بيته مواظبا على   [ ص: 195 ] التلاوة والذكر وإقراء القرآن إلى أن توفي يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى ، وصلي عليه بعد الظهر يومئذ بجامع دمشق  ، ودفن بقاسيون  رحمه الله . 
وفي هذا الشهر جاء الخبر بموت الشيخ الإمام تاج الدين عبد الرحمن بن محمد بن أبي حامد التبريزي الشافعي  ، المعروف بالأفضلي  ، بعد رجوعه من الحج ببغداد  في العشر الأول من صفر ، وكان صالحا فقيها مباركا ، وكان ينكر على رشيد الدولة ويحط عليه ، ولما قتل قال : كان قتله أنفع من قتل مائة ألف نصراني . وكان رشيد الدولة يريد أن يترضاه فلا يقبل ، وكان لا يقبل من أحد شيئا ، ولما توفي دفن بتربة الشونيزي ،  وكان قد قارب الستين ، رحمه الله . 
محيي الدين محمد بن مفضل بن فضل الله المصري   ، كاتب ملك الأمراء ، ومستوفي الأوقاف ، كان مشكور السيرة ، محبا للعلماء والصلحاء ، فيه كرم وخدمة كثيرة للناس ، توفي رابع عشرين من جمادى الأولى ، ودفن بتربة ابن هلال  بسفح قاسيون ،  وله ست وأربعون سنة ، وباشر بعده في وظيفته أمين الدين بن النحاس    . 
الأمير الكبير غرلو بن عبد الله العادلي  ،  كان من أكابر الدولة ومن   [ ص: 196 ] الأمراء المقدمين الألوف ، وقد ناب بدمشق  عن أستاذه الملك العادل كتبغا  نحوا من ثلاثة أشهر في سنة خمس وسبعين وستمائة ، وأول سنة ست وتسعين ، واستمر أميرا كبيرا إلى أن توفي في سلخ جمادى الأولى يوم الخميس ، ودفن بتربته بشمالي جامع المظفري بقاسيون ،  وكان شهما شجاعا ناصحا للإسلام وأهله ، مات في عشر الستين . 
الأمير جمال الدين آقوش الرحبي المنصوري  ،  ولي دمشق  مدة طويلة ، كان أصله من قرى إربل ، وكان نصرانيا ، فسبي وأبيع من نائب الرحبة ، ثم انتقل إلى الملك المنصور  فأعتقه وأمره ، وتولى الولاية بدمشق  نحوا من إحدى عشرة سنة ، ثم انتقل إلى شد الدواوين أربعة أشهر قبل وفاته ، وكانت وفاته ليلة الخميس حادي عشرين جمادى الآخرة ، ودفن بمقابر الصوفية ،  وكان محبوبا إلى العامة مدة ولايته . 
الخطيب صلاح الدين يوسف بن محمد بن عبد اللطيف بن المغيزل الحموي   ، له تصانيف وفوائد ، وكان خطيب جامع السوق الأسفل بحماة ،  وسمع من ابن طبرزد  ، توفي في جمادى الآخرة . 
 [ ص: 197 ] العلامة فخر الدين أبو عمرو عثمان بن علي بن يحيى بن هبة الله بن إبراهيم بن المسلم بن علي الأنصاري الشافعي  ، المعروف بابن بنت أبي سعد المصري  ، سمع الحديث ، وكان من ثقات العلماء ، وناب في الحكم بالقاهرة  مدة ، وولي مكانه في ميعاد جامع طولون  الشيخ علاء الدين القونوي  شيخ الشيوخ ، وفي ميعاد الجامع الأزهر  شمس الدين بن علان  ، كانت وفاته ليلة الأحد الرابع والعشرين من جمادى الآخرة ، ودفن بمصر  وله من العمر تسعون سنة . 
الشيخ الصالح العابد أبو الفتح نصر بن سليمان بن عمر المنبجي   ، له زاوية بالحسينية  يزار فيها ، ولا يخرج منها إلا إلى الجمعة ، سمع الحديث ، توفي يوم الثلاثاء بعد العصر السادس والعشرين من جمادى الآخرة ، ودفن من الغد بزاويته المذكورة ، رحمه الله . 
الشيخ الصالح المعمر الرحلة عيسى بن عبد الرحمن بن معالي بن أحمد بن إسماعيل بن عطاف بن مبارك بن علي بن أبي الجيش المقدسي   [ ص: 198 ] الصالحي المطعم  ، راوي " صحيح البخاري " وغيره ، وقد سمع الكثير من مشايخ عدة ، وترجمه الشيخ علم الدين  في " تاريخه " ، توفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ذي الحجة ، وصلي عليه بعد الظهر في اليوم المذكور بالجامع المظفري ، ودفن بالساحة بالقرب من تربة المولهين وله أربع وتسعون سنة ، رحمه الله تعالى . 
				
						
						
