[ ص: 399 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة  
استهلت بيوم الأربعاء ، والخليفة المستكفي  منفي ببلاد قوص  ومعه أهله وذووه ومن يلوذ به ، وسلطان البلاد الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور ،  ولا نائب بديار مصر  ولا وزير ، ونائبه بدمشق  تنكز ، وقضاة البلاد ونوابها ومباشروها هم المذكورون في التي قبلها . 
وفي ثالث ربيع الأول رسم السلطان بتسفير علي  ومحمد  ابني داود بن سليمان بن داود بن العاضد  آخر خلفاء الفاطميين  إلى الفيوم  يقيمون به . 
وفي يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر عزل القاضي علم الدين بن القطب  من كتابة السر ، وضرب وصودر ، ونكب بسببه القاضي فخر الدين المصري ،  وعزل عن مدرسته الدولعية ، وأخذها ابن جملة ،  والعادلية الصغيرة ، وباشرها ابن النقيب ،  ورسم عليه بالعذراوية مائة يوم ، وأخذ شيء من ماله . 
وفي ليلة الأحد ثالث عشرين ربيع الأول بعد المغرب هبت ريح شديدة بمصر  وأعقبها رعد وبرق وبرد بقدر الجوز وهذا شيء لم يشاهدوا مثله من أعصار متطاولة بتلك البلاد . 
 [ ص: 400 ] وفي عاشر جمادى الأولى استهل الغيث بمكة  من أول الليل ، فلما انتصف الليل جاء سيل عظيم هائل لم ير مثله من دهر طويل ، فخرب دورا كثيرة نحوا من ثلاثين أو أكثر ، وغرق جماعة ، وكسر أبواب المسجد ، ودخل الكعبة ،  وارتفع فيها نحوا من ذراع أو أكثر ، وجرى أمر عظيم ، حكاه الشيخ عفيف الدين المطري    . 
وفي سابع عشرين من جمادى الأولى عزل القاضي جلال الدين القزويني  عن قضاء مصر ،  واتفق وصول خبر موت قاضي الشام  ابن المجد  بعد أن عزل بيسير ،  فولاه السلطان قضاء الشام  ، فسار إليها راجعا عودا على بدء ، ثم عزل السلطان برهان الدين بن عبد الحق  قاضي الحنفية ، وعزل قاضي الحنابلة تقي الدين ،  ورسم على ولده صدر الدين  بأداء ديون الناس إليهم ، وكانت قريبا من ثلاثمائة ألف . فلما كان يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة بعد سفر جلال الدين  بخمسة أيام طلب السلطان أعيان الفقهاء إلى بين يديه ، فسألهم عمن يصلح للقضاء بمصر ، فوقع الاختيار على القاضي عز الدين بن جماعة  ، فولاه في الساعة الراهنة ، وولى قضاء الحنفية لحسام الدين حسن بن محمد الغوري  البغدادي قاضي بغداد  ، وخرجا من بين يديه إلى المدرسة الصالحية  ، وعليهما الخلع ، ونزل عز الدين بن جماعة  عن دار الحديث الكاملية لصاحبه الشيخ عماد الدين الدمياطي ،  فدرس فيها ، وأورد حديث : إنما الأعمال   [ ص: 401 ] بالنيات بسنده ، وتكلم عليه ، وعزل نواب الحكم ، واستمر بالمناوي  الذي أشار بتوليته . 
ولما كان يوم خامس عشرين منه ولي قضاء الحنابلة الإمام العالم موفق الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الملك المقدسي ،  عوضا عن المعزول ، ولم يبق من القضاة سوى الأخنائي المالكي    . 
وفي رمضان فتحت الصبابية  التي أنشأها شمس الدين بن تقي الدين بن الصباب  التاجر دار قرآن ودار حديث ، وقد كانت خربة شنيعة قبل ذلك . 
وفي رمضان باشر علاء الدين علي ابن القاضي محيي الدين بن فضل الله  كتابة السر بمصر ،  بعد وفاة أبيه ، كما ستأتي ترجمته ، وخلع عليه وعلى أخيه بدر الدين ،  ورسم لهما أن يحضرا مجلس السلطان ، وذهب أخوه شهاب الدين  إلى الحج . 
وفي هذا الشهر سقط بالجانب الغربي من مصر  برد كالبيض وكالرمان ، فأتلف شيئا كثيرا . ذكر ذلك البرزالي ،  ونقله من كتاب الشهاب الدمياطي    . 
وفي ثالث عشرين رمضان درس بالقبة المنصورية  بمشيخة الحديث شهاب الدين العسجدي ،  عوضا عن زين الدين الكتاني ،  توفي ، فأورد حديثا من   [ ص: 402 ]   " مسند الشافعي " بروايته عن الجاولي  بسنده ، ثم صرف عنها في ذي الحجة بالشيخ أثير الدين أبي حيان ،  فساق حديثا عن شيخه ابن الزبير ،  ودعا للسلطان ، وحضر القضاة والأعيان ، وكان مجلسا حافلا . 
وفي ذي القعدة حضر تدريس الشامية البرانية قاضي القضاة شمس الدين بن النقيب ،  عوضا عن القاضي جمال الدين بن جملة ،  توفي ، وحضر عنده خلق كثير من الفقهاء والأعيان . 
وفي ثاني ذي الحجة درس بالعادلية الصغيرة تاج الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني ،  عوضا عن ابن النقيب  بحكم ولايته الشامية البرانية ،  وحضر عنده القضاة والأعيان . 
وفي هذا الشهر درس صدر الدين ابن القاضي جلال الدين  بالأتابكية ، وأخوهما الخطيب بدر الدين  بالغزالية والعادلية نيابة عن أبيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					