ذكر سرادق النار ، وهو سورها المحيط بها وما فيها من المقامع والأغلال والسلاسل والأنكال ، أجارنا الله تعالى من ذلك جميعه
قال الله تعالى : إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها الآية [ الكهف : 29 ] . وقال تعالى إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة [ الهمزة : 8 ، 9 ] .
مؤصدة أي مطبقة . وقد رواه ابن مردويه في " تفسيره " من طريق شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن مرفوعا ، ورواه أبي هريرة أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن أسيد الأخنسي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، قوله . [ ص: 151 ] وقال تعالى : إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما [ المزمل : 12 ، 13 ] . وقال تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الجحيم ثم في النار يسجرون [ غافر : 71 ، 72 ] . وقال تعالى : يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر [ القمر : 48 - 50 ] . وقال تعالى : لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون [ الزمر : 16 ] . وقال تعالى : لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين [ الأعراف : 41 ] . وقال تعالى : هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد [ الحج : 19 - 21 ] .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا زهير ، حدثنا حسن ، عن ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " " . ورواه لسرادق النار أربع جدر كثف ، كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة الترمذي عن سويد ، عن ابن المبارك ، عن عن رشدين بن سعد ، عمرو بن الحارث ، عن دراج ، به ، نحوه .
[ ص: 152 ] وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . وقال لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض ، فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . لو ضرب بمقمع من حديد جهنم الجبل لفتته فعاد غبارا
وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في " تفسيره " ، من طريق بشير بن طلحة ، عن خالد بن دريك ، عن يعلى ابن منية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " . ينشئ الله لأهل النار سحابة مظلمة ، فإذا أشرفت عليهم نادتهم : يا أهل النار ، أي شيء تطلبون ؟ وما الذي تسألون ؟ فيذكرون بها سحائب الدنيا ، والماء الذي كان ينزل عليهم ، فيقولون : نسأل يا ربنا الشراب . فتمطرهم أغلالا [ ص: 153 ] تزاد في أغلالهم ، وسلاسل تزاد في سلاسلهم ، وجمرا يلهب النار عليهم
وقال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا حدثنا بشر بن الوليد الكندي ، سعيد بن زربي ، عن حميد بن هلال ، عن أبي الأحوص ، قال : قال ابن مسعود : أي أهل النار أشد عذابا ؟ فقال رجل : المنافقون . قال : صدقت ، فهل تدري كيف يعذبون ؟ قال : لا . قال : يجعلون في توابيت من حديد ، فتصمد عليهم ، ثم يجعلون في الدرك الأسفل من النار في تنانير أضيق من الزج ، يقال له : جب الحزن . فيطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني علي بن حسن ، عن محمد بن جعفر المدائني ، حدثنا بكر بن خنيس ، عن أبي سلمة الثقفي ، عن قال : إن أهل النار الذين هم أهلها ، فهم في النار لا يهدءون ولا ينامون ولا يموتون ، يمشون على النار ويجلسون ، ويشربون من صديد أهل النار ، ويأكلون من زقوم النار ، لحفهم نار ، وفرشهم نار ، وقمصهم نار وقطران ، وتغشى [ ص: 154 ] وجوههم النار ، وجمع أهل النار في سلاسل ، بأيدي الخزنة أطرافها ، يجذبونهم مقبلين ومدبرين ، فيسيل صديدهم إلى حفر في النار ، فذلك شرابهم . قال : ثم بكى وهب بن منبه ، وهب حتى سقط مغشيا عليه . قال : وغلب بكر بن خنيس البكاء حتى قام ، فلم يقدر أن يتكلم ، وبكى محمد بن جعفر بكاء شديدا .
وهذا الكلام عن وقد كان ينظر في كتب الأوائل ، وينقل من صحف أهل الكتاب الغث والسمين ، ولكن لهذا الكلام شواهد من القرآن العظيم ، وغيره من الأحاديث ، قال الله تعالى : وهب بن منبه اليماني ، إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون [ الزخرف : 74 - 77 ] . وقال تعالى : لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون الأنبياء [ 39 ، 40 ] وقال تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير [ فاطر : 36 ، 37 ] . وقال [ ص: 155 ] تعالى : وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال [ غافر : 49 ، 50 ] . وقال تعالى : ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا . [ الأعلى : 11 - 13 ] وتقدم في الصحيح : " " . وفي الحديث المتقدم في ذبح الموت بين الجنة والنار : " أما أهل النار الذين هم أهلها ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون " . وكيف ينام من هو في عذاب متواصل ، لا يغير عنه ساعة واحدة ولا لحظة ، بل كلما خبت نارهم ، زادهم الله سعيرا ، قال الله تعالى : ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق الحج : [ 22 ] .
وقال : حدثنا الإمام أحمد إبراهيم ، حدثنا ابن المبارك ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن ابن حجيرة ، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة ، " . إن الحميم ليصب على رءوسهم ، فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه ، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه
وروى الترمذي ، واللفظ له ، من حديث والطبراني ، قطبة بن [ ص: 156 ] عبد العزيز ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن عن شهر بن حوشب ، عن أم الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي الدرداء أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال [ غافر : 50 ] . فيقولون : ادعوا لنا مالكا . فيقولون : يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون [ الزخرف : 77 ] . فيقولون : قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين [ المؤمنون : 106 ] . فيقال لهم : اخسئوا فيها ولا تكلمون [ المؤمنون : 108 ] . ورواه يلقى على أهل النار الجوع ، فيعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون بالطعام ، فيؤتون بطعام ذي غصة ، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا إذا غصوا يسيغونه بالشراب ، فيستغيثون بالشراب ، فيؤتون بالحميم في قلال من نار ، فإذا أدنيت من وجوههم قشرت وجوههم ، فإذا دخلت بطونهم قطعت أمعاءهم وما في بطونهم ، فيستغيثون عند ذلك ، فيقال لهم : الترمذي عن الدارمي ، وحكى عنه أنه قال : الناس لا يرفعون هذا الحديث . قال الترمذي : إنما يروى عن ; قوله . أبي الدرداء