فصل 
وأعلى الخلق في الجنة منزلة  رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أول من يدخلها ، وأمته أول الأمم دخولا إليها ، وأول من يدخلها من هذه الأمة أبو بكر الصديق ،  رضي الله عنه ، وتقدم أن هذه الأمة يكونون في الجنة أكثر الأمم ، وأنهم يكونون ثلثي أهل الجنة أو شطرهم ، كما تقدم : " أهل الجنة مائة وعشرون صفا ، هذه الأمة ثمانون صفا منها   " . 
وفي " المسند " ، و " جامع الترمذي    " ، و " سنن ابن ماجه    " ، من حديث محمد بن عمرو ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة  مرفوعا : " يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم  ، وهو خمسمائة عام   " . وإسناده على شرط مسلم    . وقال الترمذي    : حسن صحيح . 
وروى  الطبراني  من حديث الثوري ،  عن محمد بن زيد  ، عن أبي حازم  ، عن  أبي هريرة  مرفوعا مثله . 
 [ ص: 429 ] وروى الترمذي  من طريق الأعمش ،  عن عطية ،  عن أبي سعيد  مرفوعا مثله ، وحسنه ، والذي رواه مسلم من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي ،  عن عبد الله بن عمرو ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا    " . 
 وللترمذي  عن  جابر بن عبد الله  مرفوعا مثله ، وصححه ، وله عن أنس  أيضا نحوه ، واستغربه . 
قلت : فإن كان الأول محفوظا ، فيكون باعتبار دخول أول الفقراء وآخر الأغنياء ، وتكون الأربعون خريفا باعتبار دخول آخر الفقراء وأول الأغنياء . والله أعلم . 
وقد روى الإمام أحمد  عن إسماعيل ابن علية ،   وأبو بكر بن أبي شيبة  ، عن  يزيد بن هارون ،  كلاهما عن  هشام الدستوائي  عن  يحيى بن أبي كثير  ، عن عامر العقيلي ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة من أمتي ، وأول ثلاثة يدخلون النار   " .   [ ص: 430 ] وذكر الحديث كما تقدم قريبا . 
ورواه الترمذي  من طريق ابن المبارك ،  عن  يحيى بن أبي كثير  ، وقال : حسن . ولم يذكر الثلاثة الذين هم من أهل النار . 
وثبت في " صحيح مسلم "  ، من حديث عياض بن حمار المجاشعي ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أهل الجنة ثلاثة ، ذو سلطان مقسط متصدق موفق ، ورجل رحيم القلب بكل ذي قربى ومسلم ، وعفيف متعفف ذو عيال . وأهل النار خمسة  ، الضعيف الذي لا زبر له ، الذين هم فيكم تبعا ، لا يبغون أهلا ولا مالا ، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك " . وذكر البخل والكذب ،   " والشنظير الفحاش . 
 [ ص: 431 ] وتقدمت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء والأغنياء   " . 
وتقدم الحديث الوارد من طريق حبيب بن أبي ثابت  ، عن سعيد  ، عن ابن عباس  مرفوعا : " أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء   " . 
وثبت في " الصحيحين " من حديث  سفيان الثوري ،  وشعبة ،  عن معبد بن خالد  ، عن حارثة بن وهب  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر   . 
وقال الإمام أحمد :  حدثنا علي بن إسحاق ،  أخبرنا عبد الله ،  أخبرنا موسى بن علي بن رباح ،  سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرو ،  عن رسول   [ ص: 432 ] الله صلى الله عليه وسلم قال : " أهل النار كل جعظري جواظ مستكبر ، جماع مناع ، وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون   " . 
وقال  الطبراني    : حدثنا علي بن عبد العزيز ،  حدثنا مسلم بن إبراهيم ،  حدثنا أبو هلال الراسبي ،  حدثنا عقبة بن أبي ثبيت الراسبي ،  عن أبي الجوزاء ،  عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أهل الجنة من ملأ أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع  ، وأهل النار من ملأ أذنيه من ثناء الناس شرا وهو يسمع    " . 
وكذا رواه ابن ماجه  من حديث مسلم بن إبراهيم .  
وقال القاضي أبو عبيد " علي بن الحسين بن حربويه ،  حدثنا محمد بن صالح  ، حدثنا خلف بن خليفة ،  عن أبي هاشم  ، عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ؟ النبي في الجنة ، والصديق في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله في الجنة ، ونساؤكم من أهل الجنة العئود الودود الولود ، التي إذا غضب زوجها أو غضبت جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها ،   [ ص: 433 ] ثم تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى   " . وروى  النسائي  بعضه ، من حديث خلف بن خليفة ،  عن أبي هاشم يحيى بن دينار  ، به . 
				
						
						
